اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي وزير العمل: وزراء الثنائي في وارد حضور جلسة الجمعة حتى اللحظة ويدنا ممدودة للجميع

مقالات

قمة شنغهاي.. تحالف روسي - صيني - هندي في مواجهة نظام القطب الواحد 
مقالات

قمة شنغهاي.. تحالف روسي - صيني - هندي في مواجهة نظام القطب الواحد 

120

بداية واستكمالًا لعنوان المقال من حقنا أن نطرح سؤالًا: هل أن تحوُّل الهند هو مجرد مناكفة سياسية لأميركا والغرب أو أنه تحوُّل جاد وحقيقي؟ 

في وقت تجتمع فيه دول منظمة شنغهاي، يذهب الرئيس الأميركي ترامب يومًا بعد يوم إلى التدخل في شؤون الدول ويعمِّق الفجوة بما يرتبط بالحروب على خلاف وعوده بإنهاء الصراعات، وهذا يعكس طبيعة الإدارة الأميركية القائمة على الهيمنة والإخضاع، حيث الهدف المركزي هو السيطرة على ثروات الشعوب، وهو ما كُتب في مجلة "نيوزويك" الأميركية التي أشارت إلى أنّه وخلافًا لوعوده، وسّع ترامب الحروب وعمّق التدخلات العسكرية، داخليًا وخارجيًا، محوّلًا "الحرب على الإرهاب" إلى أداة قمع وهيمنة.

في المقلب الآخر من العالم وخلال انعقاد قمة دول منظمة شنغهاي تبدو الأمور مختلفة لجهة الرؤية والتوجّهات القائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.

العناوين التي اعتدنا عليها في القمم السابقة كانت تشير إلى تشكُّل نظام عالمي جديد بقيادة روسيا والصين، وهو ما يراه الجميع، لكن القمّة الحالية حملت مفاجأة كبيرة ارتبطت بالموقف الهندي الذي تَحَوَّل من مجرد انخراط في أعمال قمم شنغهاي إلى شكلٍ من أشكال التحالف بين روسيا والصين والهند وهو ما رشح عن اللقاءات التي جمعت رؤساء هذه الدول الثلاث.

بداية لا بد من الإشارة إلى الدول التي تنضوي في منظمة شنغهاي، وفي التعريف هي تجمّع دولي تأسس في عام 2001، ويضمّ الهند، إيران، كازاخستان، الصين، قيرغيزستان، روسيا، طاجيكستان، باكستان، أوزبكستان، وبيلاروس.

كما تضم دولتين بصفة مراقب هما أفغانستان ومنغوليا، ودولًا شريكة هي أذربيجان، أرمينيا، كمبوديا، نيبال، الإمارات العربية المتحدة، تركيا، وسريلانكا. 

هنا لا بد من الإشارة إلى أن ترتيب الاقتصادات للدول يأتي على الشكل التالي: 

أميركا أولًا، الصين ثانيًا، والهند ثالثًا، وروسيا رابعًا، علمًا أن الهند مؤهلة للحلول في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة إلا إذا احتلت الصين هذه المرتبة.

إن الوصول إلى تفاهمات منبثقة من قمة شنغهاي للعام 2025 هو أمر في غاية الأهمية خصوصًا أن تهوُّر ترامب وفرضه رسومًا جمركية بقيمة 50% على الهند كان أحد الأسباب الأساسية لهذا التحوُّل الهندي. 

لكن يبقى أن الصين والهند ستبقيان في حالة تنافس حادّة في مسائل التصنيع والتسويق وأمور كثيرة لم تُحَل بعد ترتبط بالمشاكل الحدودية التي أعتقد أن روسيا بشكل خاص ستسعى إلى إيجاد حل لها.

رغم كلّ القضايا الإشكالية يبقى ما حصل أمرًا استثنائيًا وواعدًا خصوصًا أن دول منظمة شنغهاي توازي نصف سكان العالم. 

كمراقب لسير أعمال القمة وبالنظر إلى نتائجها التي سأرتبها لاحقًا يمكن اعتبار النتائج بمثابة زلزال جيوسياسي خصوصًا أن الأمر لا يقتصر على مثلث روسيا - الصين - الهند، بل يتعداه ليصل إلى تشكُّل مثلث آخر هو روسيا - الصين - إيران. 

هذان المثلثان في لحظة بدء تفعيل الاتفاقيات الجديدة وإجراء تحديثات على الاتفاقيات القديمة سيؤديان إلى نشوء قوّة صلبة لن يكون بمقدور الغرب مواجهتها، وتحديدًا على المستوى الاقتصادي، لأن لا أحد يرغب من دول منظمة شنغهاي بالتحوُّل إلى حلف عسكري بل على العكس سينصب العمل على مجالات التنمية المختلفة.

وأهم ما جاء في البيان العناوين الهامة جدًا التي تطرقت إلى: 

1 - رفض الدول الأعضاء "التدابير القسرية أحادية الجانب، بما في ذلك التدابير الاقتصادية التي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة، وغيره من قواعد القانون الدولي ومبادئ وقواعد منظمة التجارة العالمية"، مؤكدًا أهمية إنشاء مصرف التنمية لمنظمة شنغهاي. 

2 - أعرب القادة عن "قلقهم العميق" إزاء التصعيد المستمر للصراع "الإسرائيلي"  الفلسطيني والوضع الإنساني الكارثي في غزّة.

3 - كما تم الإعلان عن إنشاء بنك شنغهاي من خلال تمسكه بـ"نظام تجاري متعدد الأطراف منفتح وشفاف ومنصف وشامل وغير تمييزي يقوم على المبادئ والقواعد المعترف بها دوليًا، وعلى تعزيز التنمية الاقتصادية في العالم المفتوح، وضمان الوصول العادل إلى الأسواق والمعاملة الخاصة والتفضيلية للبلدان النامية".

4 - التعاون في مجال الطاقة حيث عبّرت الدول الأعضاء عن تأييدها توسيع نطاق التعاون الشامل والمنفعة المتبادلة في مجال الطاقة، وتعزيز مرونة سلسلة التوريد في قطاع الطاقة، وتعزيز التنمية المستدامة والمستقرة والمتوازنة لسوق الطاقة العالمية غير التمييزية. واعتمد الاجتماع، بيان مجلس رؤساء دول منظمة شنغهاي للتعاون بشأن التنمية المستدامة للطاقة، وأقر خارطة الطريق لتنفيذ إستراتيجية تنمية التعاون في مجال الطاقة بين الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون حتّى عام 2030.

الأمر الملفت للنظر أن الرئيس الروسي بوتين أشار إلى أن المنظمة تدرس طلبات عشرات الدول وهو أمر أقل ما يقال فيه إنه بدايات واعدة لعالم قائم على الشراكة. 

لكن يبقى أن أميركا وأوروبا في حال عدم قبولهما بالمستجدات القادمة قد تطلقان شرارة صراع خطير وهو كلام يمكن ربطه بما صدر في فرنسا عن ضرورة تغيير قواعد عمل المستشفيات واستجابتها لحالات الطوارئ الكبرى. 

أقول هذا لأننا تعودنا على غطرسة أميركا والغرب وهما على ما يبدو ليسا في حالة استعداد لملاقاة نصف العالم الآخر.

الكلمات المفتاحية
مشاركة