اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي "القسّام" تُطلق عمليات "عصا موسى" ردًا على "عربات جدعون 2" 

مقالات

قمة شنغهاي 2025: إعلان عن عالم جديد يتشكل
مقالات

قمة شنغهاي 2025: إعلان عن عالم جديد يتشكل

86

حين اجتمع قادة الصين وروسيا والهند وإيران وبقية دول منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) في مدينة تيانجين الصينية، بدا واضحًا أن المشهد لا يقتصر على قمة إقليمية عادية. لقد كانت القمة أقرب إلى إعلان سياسي صريح: النظام الدولي الذي ساد منذ الحرب الباردة يترنّح، والعالم يتجه نحو تعددية معقدة، تصوغها قوى الشرق والجنوب العالمي.

الاقتصاد أولًا: بنك جديد ينافس المؤسسات الغربية

في خطوة لافتة، اقترح الرئيس الصيني إنشاء بنك تنموي خاص بالمنظمة، كبديل عن البنك الدولي وصندوق النقد. ومعه أعلن عن منح وقروض بمليارات اليوان لدول آسيا الوسطى، في محاولة واضحة لتمديد النفوذ الصيني وتدويل اليوان.

روسيا من جانبها استثمرت اللحظة لتوقيع اتفاقيات كبرى، أبرزها مشروع "قوة سيبيريا 2" لتصدير الغاز إلى الصين. وهكذا تحولت قمة شنغهاي إلى منصة اقتصادية تُبنى على أنقاض الحروب التجارية مع واشنطن، وتُقدَّم كملاذ لدول تبحث عن بدائل بعيدًا عن الدولار والهيمنة الغربية.

السياسة في صورة: مثلث بكين-موسكو-نيودلهي

الصورة التي جمعت شي جين بينغ وفلاديمير بوتين وناريندرا مودي كانت أبلغ من أي خطاب. ثلاث قوى كبرى، رغم خلافاتها العميقة، تلتقي على رسالة واحدة: لم يعد للغرب وحده حق تقرير مصير العالم.

بوتين جاء ليكسر العزلة ويؤكد أن روسيا ليست منبوذة دوليًا.

شي أراد أن يرسّخ قيادته للجنوب العالمي.

مودي حضر بعد سبع سنوات من الغياب ليبعث برسالة استقلالية: الهند ليست أداة في يد واشنطن أو بكين، بل لاعب بذاته.

حتى إيران وبيلاروسيا وكوريا الشمالية وجدت في القمة منصة لتثبيت مواقعها ضمن تكتل مضاد للغرب، يعزز فكرة "عالم خارج الهيمنة".

الأمن والرمزية: نحو توازن جديد

المنظمة التي وُلدت أصلاً كإطار أمني لمكافحة الإرهاب، أعادت التأكيد على مفهوم "الأمن غير القابل للتجزئة"؛ أي أن تهديد أي عضو هو تهديد للجميع. هذه الصيغة تعكس محاولة لبناء تحالف ردعي موازٍ للناتو، وإن كان أكثر مرونة وأقل صرامة.

لكن التحديات المتمثلة بالخلافات بين الهند وباكستان، إضافة للتباينات في الموقف من أوكرانيا، والتنافس الخفي بين الصين والهند على آسيا الوسطى، كلها نقاط تعكس هشاشة داخلية، إلا أنها لا تُلغي الطموح.

الربط بالأزمات العالمية: قمة في قلب العاصفة

أوكرانيا: موسكو تستند إلى القمة لتأكيد شرعيتها السياسية وكسر حصار العقوبات.

غزة: ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع الصراع أبرزت الحاجة إلى منصة دولية بديلة، وهو ما تستثمره شنغهاي لصالحها.

الاقتصاد العالمي: الدفع نحو استخدام اليوان يطرح سؤالاً جوهريًا: هل نحن أمام بداية أفول هيمنة الدولار؟

الخلاصة: عالم جديد يولد من رحم الأزمات

قمة شنغهاي 2025 لم تحل الأزمات العالمية، لكنها رسمت بوضوح مسارًا لا رجعة فيه: النظام الأحادي يتصدع، والنظام المتعدد يتبلور.

هذا النظام الجديد لن يكون مستقرًا أو متجانسًا؛ بل ساحة صراعات ومفاوضات متواصلة. لكنه، رغم كل التعقيدات، يمنح الجنوب العالمي للمرة الأولى منذ عقود صوتًا مسموعًا ووزنًا متزايدًا في صناعة القرار الدولي.

إنها ليست مجرد قمة إقليمية، بل إشارة البدء لعصر عالمي جديد، قد يكون أكثر عدلاً للبعض، لكنه بالتأكيد أكثر صعوبة للجميع.

الكلمات المفتاحية
مشاركة