ترجمات

انضمت الصين، مؤخرًا، إلى "مجموعة دول الأنديز"، وهو تكتل سياسي واقتصادي يضم بوليفيا والإكوادور وكولومبيا والبيرو، في خطوة رأى فيها الكاتبان في موقع Responsible Statecraft آدم راتزلاف وجيفري توبين أنها تتطلب من الولايات المتحدة إعداد سياسات لتحسين الانخراط مع منطقة الأميركيتين، بدلًا من مجرد السعي إلى منع الصين من أن تكون لاعبًا إقليميًا فيها.
بحسب الكاتبيْن، الوجود الصيني في مجموعة دول الأنديز ليس إشارة دبلوماسية منعزلة، هو يعكس إستراتيجية متعمدة عمرها عقود من أجل إعادة رسم معايير الحكم والاندماج الاقتصادي في الأميركيتين. كذلك حذرا من أنّ عدم فهم واشنطن لهذه الإستراتيجية وعدم تقديمها بدائل معقولة إنما يحمل معه خطر خسارة النفوذ في منطقتها. هذا وتابع الكاتبان أنّ الصين، ومنذ حقبة التسعينيات، أفادت من المنظمات والمنتديات الإقليمية في جزء أساس من انخراطها مع أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. ولفتا إلى أنّ الصين، وبعد انضمامها إلى مجموعة دول الأنديز، أصبحت أما عضوًا أو مراقبًا في تسع منظمات إقليمية، من بينها منظمات لا تشارك فيها الولايات المتحدة.
كما أشار الكاتبان إلى أنّ الصين عزّزت انخراطها الاقتصادي مع المنطقة في المفاوضات الثنائية، وإلى أنها أبرمت اتفاقيات تجارة حرة مع تشيلي وكوستاريكا والاكوادور ونيكاراغوا والبيرو. كذلك قالا إنّ تعميق العلاقات بين الصين وأميركا اللاتينية لم يحصل من فراغ، وإنّ هذه العلاقات تعكس إستراتيجية بيكن الطويلة الأمد وسعي المنطقة (الأميركيتين) وراء آفاق اقتصادي جديد. غير أنهما رأيا أيضًا أنها تعكس فشل واشنطن على صعيد مواكبة هذه التحولات، وأن العديد من الحكومات في الأميركيتين ترى في الصين شريكًا منخرطًا يمكن التعويل عليه، بينما ترى أن الولايات المتحدة تفاعلية ومتقلبة أو غائبة. كذلك حذّرا من أن هذه الديناميكية زادت من تداعيات الخطوات الأميركية الخاطئة، حيث تحول التردّد والإهمال إلى فرص إستراتيجية لبكين.
ووفقًا للكاتبيْن، يحذّر المسؤولون الأميركيون من تنامي الوجود الصيني في الأميركيتين، ويقولان إن المقاربات التي انتهجتها الإدارات الأميركية المتعاقبة فشلت على صعيد معالجة هذه المخاوف. وأضافا أن الولايات المتحدة عادة ما تنتقد الانخراط مع الصين من دون أن تقدم بديلاً قابلًا للتطبيق، وأنها تجعل الأمر يبدو وكأن الانخراط الأميركي مع المنطقة هو من أجل مواجهة الصين فقط، وليس من أجل الشراكة الحقيقية.
كذلك قال الكاتبان إنه وبينما كانت هذه المشكلات واضحة خلال الإدارات المختلفة، إلا أن نهج ترامب المتشدد والأحادي لن يحقق الكثير على صعيد إعادة أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي إلى الفلك الأميركي. ورأيا أن تهديدات ترامب قوبلت بردود فعل قوية من دول بارزة، الأمر الذي يقوض المساعي الأميركية في هذه الدول، ويشجع البلدان على اعتماد الصين بديلًا.
خلص الكاتبان الى أنّ العواقب تتجلى بأوضح صورها في السياسة التجارية الأميركية، إذ إنّ الاعتماد على الرسوم الجمركية والتهديدات أدى إلى تعزيز الاستياء الإقليمي. وهذه الإجراءات بدلًا من أن تجبر الحكومات على الاصطفاف مع الرغبات الأميركية إنما دفعت بالعديد منها إلى تنويع الشراكات والسعي إلى إبرام اتفاقيات تجارية أخرى - بما في ذلك مع الصين - من أجل حماية نفسها من التقلب الأميركي. وختما أنّ هذه الديناميكية أصبحت ظاهرة، بشكل متزايد خلال الأعوام الأخيرة، فيؤكدان ذلك كيف أنّ إستراتيجيات الرسوم الجمركية الحالية تحقق نتائج عكسية.