اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي "إسرائيل" في سورية ولبنان: بين واقع الاحتلال وسيناريوهات المستقبل

مقالات

المقاوَمة.. إنجازات في الميدان وحصار في السياسة 
مقالات

المقاوَمة.. إنجازات في الميدان وحصار في السياسة 

80

بعد عامين على اندلاع عملية "طوفان الأقصى"، وتوسع المعركة لتشمل لبنان واليمن والعراق وحتّى إيران، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بعدما ثبتت فصائل المقاومة معادلات ردع ميدانية، إلا أن الدعم الغربي اللامحدود لـ"إسرائيل"، إضافة إلى تواطؤ عدد كبير من الأنظمة العربية معها، وانهيار النظام السوري برئاسة الرئيس بشار الأسد، جعل الإنجازات في السياسة لا ترقى إلى ما تحقق في الميدان. 

فلسطين ولبنان

ومن الممكن القول إن المقاوَمة في فلسطين، تحديدًا حماس والفصائل في غزّة، حققت نصرًا ميدانيًا ملموسًا في الصراع الأخير مع "إسرائيل"، سواء من حيث صمودها في وجه آلة الحرب "الإسرائيلية"، أو من حيث فرض شروطها التفاوضية مثل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرفع الجزئي للحصار. كذلك، في السياسة الفلسطينية الداخلية، فلقد تمكّنت فصائل المقاومة من تعزيز حضورها على حساب السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة محمود عباس وحركة "فتح" ونهجهما التفاوضي. 

لكن في السياسة، فإن الإنجازات بقيت نسبية؛ فحماس لم تستطع حتّى الآن أن تحوّل النصر الميداني إلى تغيير جذري في الموازين السياسية مع "إسرائيل"، أو تحقيق دولة مستقلة، أو إنهاء الاحتلال بشكل شامل. فالقيود العسكرية، والدعم الدولي لـ"إسرائيل"، والتحالفات الإقليمية كلها تحدّ من مدى ما يمكن للمقاومة تحقيقه في السياسة أو عبر مؤسسات دولية. 

في لبنان، فإن المقاوَمة ممثلة بحزب الله، أيضًا حققت إنجازات ميدانية عبر منع القوات "الإسرائيلية" من تحقيق أي تقدم بري وتكبيدها خسائر بشرية ومادية كبيرة، إلا أن سقوط النظام في سورية، والذي كان يشكّل عقدة الوصل مع باقي فصائل المقاومة ومع إيران وكان يشكّل أيضًا سندًا لوجستيًا عسكريًا مهمًا، أدى إلى خلل كبير في التوازن الإقليمي انعكس على التوازنات في لبنان الذي شهد تشكيل حكومة تحتكم في أجندتها إلى الولايات المتحدة ما يجعلها تضغط باتّجاه سحب سلاح المقاومة وحتّى التلميح إلى استعدادها للتفاوض مع "إسرائيل". 

سقوط سورية وأثره 

لا يمكن فصل الجبهة الفلسطينية واللبنانية عن سورية، فالتحالف الذي كان قائمًا بين سورية وإيران منذ العام 1980 في ظل الرئيسين حافظ الأسد وبشار الأسد أتاح لإيران ولمحور المقاومة، وخصوصًا حزب الله، تلقي الدعم العسكري واللوجستي والسياسي من وعبر سورية. وبنتيجة سقوط النظام الذي كان يرأسه الرئيس بشار الأسد فإن هذا أثر سلبًا وبشكل كبير على محور المقاومة كما تفيد التقارير الصادرة عن معهد "تشاثام هاوس" البريطاني. 

هذا ما جعل الانتصارات التي تحققت في فلسطين ولبنان تكتيكية في ظل الخسارة الإستراتيجية التي مني بها المحور بخسارة سورية، في ظل سعي المحور المناوئ للمقاومة، والمدعوم من الولايات المتحدة وحلفائها، ممارسة الضغوط على فصائل المقاومة إن في لبنان أو في العراق عبر الضغط على الحكومات في هذين البلدين، وعبر السعي لإقامة منظومة تعاون إقليمية يكون محورها التطبيع مع "إسرائيل"، كما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قمة شرم الشيخ الأخيرة. 

ويتوقع مراقبون أن الولايات المتحدة ستسعى إلى احتواء حركة حماس عبر وسطاء إقليميين مثل تركيا وقطر وذلك عبر دفع الحركة إلى قبول التفاوض مع "إسرائيل"، علمًا أن الولايات المتحدة كانت قد طلبت من تركيا تهديد حماس بطرد قياداتها من تركيا إذا لم تقبل بمبادرة ترامب لوقف إطلاق النار. من هنا فإن واشنطن ستسعى إلى تعزيز دور الوساطة القطرية والتركية، خصوصًا في عملية إعادة إعمار غزّة والضغط على حماس لتحييد غزّة عن الصراع مع العدوّ لعقود مقبلة. 

أما بالنسبة إلى حزب الله، فإن واشنطن ستسعى لمحاولة عزل الحزب وحلفائه على الساحة السياسية الداخلية. كذلك فإن واشنطن ستسعى للقيام بالشيء نفسه مع فصائل المقاومة العراقية المنضوية في الحشد الشعبي ونزع سلاجها بذريعة دمجها في الدولة. 

إيران الجبهة الأخيرة 

ما يجري في منطقة المشرق لا يمكن فصله عن الهدف الإستراتيجي الأميركي بضرب أو احتواء إيران، ليس فقط بصفتها الطرف الأقوى في محور المقاومة، بل لأنها تشكّل حليفاً طبيعياً لروسيا والصين اللتين تسعى الولايات المتحدة لعزلهما. والجدير ذكره أنه لم يكن بالإمكان توجيه ضربة لإيران من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في حزيران/يونيو 2025 لو لم يسبق ذلك سقوط النظام السوري، والذي جرد طهران من حليف مهم جدًا ساهم بدرجة كبيرة بفك العزلة عنها على مدى العقود الخمسة الماضية.

ومن المهم الإشارة إلى أنه بعد ارتياح واشنطن لما حققته في المشرق العربي وخصوصًا في سورية، فإنها باتت مرتاحة لنقل الصراع مع إيران إلى جبهة حساسة جدًا بالنسبة لطهران وهي منطقة جنوب القوقاز.

فعبر رعاية ترامب لاتفاق بين أذربيجان وأرمينيا فإن محورًا أميركيًا تركيًا إسرائيليًا بات يتدعم في هذه المنطقة ويهدّد الاستقرار في شمال غرب إيران الذي يضمّ اقلية آذرية معتبرة من عشرة ملايين نسمة وبجوارهم أقلية كردية كبيرة من نحو سبعة ملايين نسمة. كذلك فإن هذا المحور وعبر معبر "زنغزور" يمنح الولايات المتحدة القدرة على التغلغل عبر تركمانستان إلى وسط آسيا والتي تعتبر الخاصرة الرخوة لروسيا وإيران وأيضًا الصين.

من هنا فإن التوقعات ترجح أن تقوم إيران بمواصلة دعم فصائل المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين واليمن، في ظل الشكوك حول إمكانية نجاح الصيغة الأميركية لـ"السلام" التي طرحت في قمة شرم الشيخ. كذلك فإنه في ظل التهديد الذي بات قائمًا على حدودها الشمالية فمن المرجح أن تحاول إيران الرد في منطقة المشرق ومنعها من التحول إلى قاعدة آمنة تشكّل منطلقًا للسياسات الأميركية العدائية ضدّ إيران.

الكلمات المفتاحية
مشاركة