عين على العدو

نشر معهد "أهارون" للسياسات الاقتصادية في جامعة "رايخمان" تحليلًا شاملًا يحذر من التداعيات الاقتصادية لاحتلال كامل لقطاع غزة ولإدارة مدنية مستمرة من قبل "إسرائيل"، وفق ما ذكرت صحيفة "معاريف الإسرائيلية".
ويشير البحث، الذي أُجري بالتعاون مع خبراء أمنيين، إلى أن مثل هذه الخطوة من المتوقع أن تؤدي إلى نفقات أمنية ضخمة، وعقوبات اقتصادية دولية، والإضرار بمستوى معيشة "المواطنين" (المستوطنين)، وتدهور خطير في الاستقرار المالي للاقتصاد. ويُحذر الباحثون من أن "إسرائيل في مثل هذا الواقع قد تواجه عقدًا ضائعًا، وسنوات طويلة من الركود الاقتصادي المشابه لما حدث بعد حرب ما سُمي بـ"يوم الغفران".
وفي التحليل، تم دراسة ثلاثة سيناريوهات لإنهاء القتال في غزة:
1. تسوية دولية وإدارة مدنية للقطاع حتى نهاية 2025.
2. إنهاء القتال دون أي تسوية.
3. احتلال كامل مع مسؤولية مباشرة لـ"إسرائيل" عن "الأمن وتقديم الخدمات المدنية".
ووفق ما تنقل الصحيفة عن البحث، فإنّه في كل سيناريو، تم فحص التأثيرات على تجنيد الاحتياط، سوق العمل، النفقات الأمنية، العجز المالي، النمو، ونسبة الدين إلى الناتج المحلي.
وفي سيناريو الاحتلال، ستحتاج "إسرائيل" إلى تجنيد واسع لحوالى 100 ألف جندي احتياط بحلول نهاية 2025، وأنشطة عسكرية مكثفة أيضًا في عام 2026. ومن المتوقع أن ترتفع النفقات "الأمنية" إلى أكثر من 9% من الناتج المحلي السنوي، والعجز إلى 7.6% و7.9% على التوالي. سينخفض النمو إلى 0.7% فقط في 2025 وإلى 1.1% في 2026، بينما سيكون النمو للفرد سلبيًا.
ووفق البحث، سترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي إلى 75.9% في نهاية 2026 وإلى 78.8% في 2027، وهي أرقام قد تؤدي إلى خفض تصنيف "إسرائيل" الائتماني، وارتفاع علاوات المخاطر، وزيادة حادة في تكلفة تمويل الحكومة. ويقدّر الباحثون أنه في هذا السيناريو لن يكون بالإمكان تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة للاستثمار في رأس المال البشري، التوظيف والبنية التحتية، ما سيفاقم الركود.
وعلى المدى الطويل، حذّر المعهد من أن العقوبات الدولية على "إسرائيل" ستؤدي إلى تباطؤ حاد في النمو المحتمل، والذي سيبلغ 1% فقط في المتوسط سنويًا بين 2028 و2035. وهذا يعني تراجعًا في مستوى المعيشة، وزيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي لتتجاوز 90% حتى 2030، وتأثيرًا شديدًا على قطاع الهايتك (علم الحاسوب والبرمجيات) والصادرات. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الوضع إلى تسريع هجرة العقول، خاصة من الشباب في قطاع "الهايتك"، وتقليص قدرة الاقتصاد على النمو أكثر.
ويقول البروفيسور تسفي أكشتاين، رئيس معهد أهارون: "احتلال غزة ليس مجرد تحدٍ أمني، بل تهديد اقتصادي جسيم لـ"إسرائيل". قد يدفع الاقتصاد إلى عقد ضائع من الركود، وتراجع النمو، وهجرة العقول. في المقابل، يمكن للتسوية مع الإصلاحات الاقتصادية أن تعيد الاقتصاد إلى مسار الاستقرار والنمو. على "إسرائيل" أن تختار سياسات تدعم رأس المال البشري، تحافظ على قطاع "الهايتك"، وتستثمر في البنية التحتية لضمان مستقبل اقتصادي قوي".