مقالات مختارة

رضا صوايا - صحيفة الأخبار
تحوّلت شبكةCNN إلى ثكنة عسكرية مقنّعة بزيّ الصحافة، حيث يستبدل الجنود في "الجيش" "الإسرائيلي" بزاتهم العسكرية بالبدلات الأنيقة، والبنادق بالميكروفونات، مع احتفاظهم بالهدف نفسه: تبرير القتل وتجميل وجه الاحتلال.
تحوّلت شبكةCNN إلى ثكنة عسكرية مقنّعة بزيّ الصحافة، حيث يستبدل الجنود في "الجيش" "الإسرائيلي" بزاتهم العسكرية بالبدلات الأنيقة، والبنادق بالميكروفونات، مع احتفاظهم بالهدف نفسه: تبرير القتل وتجميل وجه الاحتلال.
تكشف الوقائع منذ سنوات عن حضور كثيف لجنود خدموا في قوات الاحتلال ال"إسرائيلي"، قبل أن يجدوا طريقهم إلى أرفع المناصب التحريرية والميدانية في كبريات المؤسسات الإعلامية العالمية.
وتعدّcnn من أبرز هذه المؤسسات، التي لم تعد تكتفي بنقل السردية الصهيونية، بل باتت تستعين بالخبرات العسكرية "الإسرائيلية" في صناعة أخبارها.
من المدرّعات إلى الإعلام
آخر فصول هذه الظاهرة كان إعلان cnn عن تعيين تال شاليف كبيرة المراسلين في مكتبها في القدس المحتلة. وقد وصفتها الشبكة بأنّها صاحبة خبرة تمتد قرابة عقدين في متابعة تفاصيل السياسة والمجتمع في الكيان، بعد عملها في مؤسسات إعلامية "إسرائيلية" بارزة مثل ""هآرتس"" وi24NEWS.
لكن ما غفلت عن ذكره الشبكة هو أنّ مراسلتها الجديدة هي جندية سابقة في سلاح المدرعات في "الجيش" ال"إسرائيلي"، وتفاخر بأنّها "مدربة شبه دائمة في هذه الوحدة".
وسرعان ما انتشرت صور لشاليف على متن وبجانب دبابات "إسرائيلية" مع تعليق weak spot for tanks، أي "نقطة ضعف أمام الدبابات". كذلك ظهرت تعليقات لها تحتفي بوحدة مدرعات نسائية "إسرائيلية" شاركت في مجازر غزّة، ووصفت المجنّدات بـ"البطلات" مهنئةً إياهن على "كثافة النيران" في محور فيلادلفيا.
ثكنة للجنود السابقين
ليست قضية شاليف حادثةً منفصلة، بل جزء من سلسلة طويلة من الأمثلة التي توضح كيف أصبحت التجربة العسكرية "الإسرائيلية" بوابة عبور إلى الإعلام الأميركي خصوصًا شبكة "سي. إن. إن".
وتضم الشبكة أسماء مثل شأشار بيليد، التي خدمت بدايةً كضابطة في "الوحدة 8200"، ثمّ كمحلّلة تكنولوجية في جهاز الاستخبارات "الإسرائيلي" (الشاباك) قبل أن تنتقل إلى الشبكة الأميركية" لتشغل منصب منتجة وكاتبة. لاحقًا، التحقت بشركة غوغل، حيث تولّت موقع كبيرة اختصاصيي الإعلام.
كما ضمت الشبكة تال هاينريخ التي أمضت ثلاث سنوات كعنصر في "الوحدة 8200" لتلتحق بعدها بـ "سي. إن. إن" منتجةً ميدانية ومسؤولة عن الأخبار في مكتب الشبكة في القدس المحتلة، قبل أن تصبح المتحدثة الرسمية باسم رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو.
أما تمار ميخائيليس التي تعمل حاليًّا في "سي. إن. إن"، فقد شغلت سابقًا موقع المتحدثة الرسمية باسم "جيش" الاحتلال ال"إسرائيلي".
تتخطّى هذه الظاهرة بكثير "التحيّز"، لتشكّل عملية عسكرة شاملة وممنهجة لعدد من وسائل الإعلام العالمية. فالجندي يواصل مهماته في الدفاع عن الكيان العبري، لكن من خلف الشاشة، في دور مكمّل للآلة العسكرية، عبر تلميع صورتها، وفلترة الأحداث والرواية بما يتلاءم والسردية الصهيونية.
فعليًا، ما يصل إلى الجمهور عبر هذه المحطات لا يختلف كثيرًا عن بيانات "الجيش" ال"إسرائيلي"، إذ تحولت المؤسسات الإعلامية إلى صانعة للرواية "الإسرائيلية" تحت غطاء العمل الصحافي.