اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي إيران: مستعدون للشفافية النووية ونحمّل واشنطن وحلفاءها مسؤولية التصعيد

مقالات

الشهيد نصر الله وتدشين المسار الإستراتيجي للمقاومة والتحرير
مقالات

الشهيد نصر الله وتدشين المسار الإستراتيجي للمقاومة والتحرير

87

بعد عام من الحضور الطاغي للشهيد الكبير السيد حسن نصر الله، على عكس ما أراده العدوّ من أن يكون عامًا من الغياب والانهيارات المتوهمة، تأكد لدى العدوّ والخصوم مصداقية شعارات المقاومة والتي تشكّل إستراتيجية شاملة تم تلخيصها في شعار مختصر بليغ وهو "إنا على العهد".

وهنا تبقى الذكرى واحتفالاتها مجرد تأريخ لحدث وليس تذكير بشخص دائم الحضور، حيث تتجاوز الرموز الكبرى والقيادات التاريخية والروحية الفذة من نوعية سيد شهداء المقاومة مفاهيم الحضور الجسدي والإطلالة إلى مفاهيم الإلهام والولاء والنهج والعهد والميثاق، وبالتالي فإن السيد حاضر بمرجعيته الروحية والفكرية والتنظيمية في نفوس وقيادات الحزب وكوادره وجمهوره العريض.

ولا تجد قيادة حزب الله ممثلة في الشيخ نعيم قاسم عناء في الالتزام بالعهد ولا تراه عبئًا، بل كان الشيخ نعيم ورفاق السيد شركاء في المسار وصياغة العهد وأمناء عليه.

ولا شك أن هذا الحضور وهذا الصمود رغم انقلاب الأوضاع الإقليمية وموازين القوى وانقلاب مواقف الكثيرين ممن زعموا انّهم أصدقاء للمقاومة، يعود فضله لفكرة المسار الإستراتيجي، وللإدارة العلمية والإستراتيجية للشهيد الكبير والتي طور بها المقاومة ونقلها من ضفاف حركات المقاومة المسلحة إلى قوة إقليمية وازنة على المستويات العسكرية والسياسية والإستراتيجية.

وهذا الجانب الإستراتيجي في شخصية السيد نصر الله يهمله الكثيرون ولا يعطونه قدره الحقيقي رغم أنه الجانب الأهم في تطوير المقاومة وجهوزيتها وفي صمودها وفي بقائها وتحديها رغم سلسلة الهجمات الاستعمارية والتواطؤ العربي والتآمر الداخلي، وكلها عوامل كافية للتسبب في انهيار جيوش كبرى ودول وازنة.

ولعل المدخل الملائم لتناول الفكر الإستراتيجي للشهيد الكبير، يكمن في فكرة المسار والتي تحدث عنها سماحته في حديثه بمناسبة "عيد المقاومة والتحرير"، في العام 2021 عندما قال إنّ تحرير 2000 أسسس لزمن الانتصارات "ويومها أهدت المقاومة هذا الانتصار إلى كلّ فلسطين، لأن الهدف هناك"، وأن نتائج انتصار 2000 "كانت إستراتيجية"، لذلك "حذّر قادةُ العدوّ من المخاطر الإستراتيجية لتلك الهزيمة".
    
ولخص ذلك بالقول: "الإنجاز في 2000 وضع العدوّ والصديق والقضية الفلسطينية والصراع أمام مسار إستراتيجيّ مختلف". 

وهنا وباختصار شديد فإن ما قاله السيد يكشف أن المقاومة لها هدف إستراتيجي وهو التحرير الكامل، وهو ما تطوّر من تحرير جنوب لبنان إلى بناء قوة تكفل الحفاظ على الانتصار ثمّ خلق معالات للردع، ثمّ بناء قوات هجومية، وتطوير التحالفات لخلق محاور جيوسياسية والتي تطوّرت لمحور القدس وجبهة المقاومة.

كما أن بناء القوّة وتطويرها لم يكن في مسار عشوائي، وإنما وفقًا لمسار إستراتيجي يعتمد على دور المؤسسات الفاعلة وليس المؤسسات الشكلية، ويعتمد إستراتيجيات الحرب الشاملة والتي تضم الحرب العسكرية والحرب النفسية والسيبرانية والاقتصادية وإدارة التحالفات.

وعلى مستوى التفاصيل، كان السيد يتبع أحدث الأساليب في الحرب الهجينة بين الحرب غير المتناظرة وتكتيكاتها التي تعتمد على الانفاق والمسيرات والصواريخ الدقيقة، وتكتيكات الجيوش النظامية، حيث شكل فرقًا أقرب للجيوش النظامية في نظام الاستطلاع والتعبئة والتخصص والتوزيع الجغرافي.

كما أدار السيد معاركه بشكل يحرص على لبنان ويراعي البعد الوطني حيث لم يورط من لا يريد المقاومة، وحرص على الوحدة الوطنية والسلام الداخلي وعلى الدولة اللبنانية ومؤسساتها، ولا يزال الحزب ينادي بوجود إستراتيجية دفاعية لبنانية تكون المقاومة شريكًا بها ولا تكون دولة داخل الدولة.

ولعل أكبر دليل على المسار الإستراتيجي للمقاومة الإسلامية هو انها امتلكت تأثيرًا والهامًا لحركات المقاومة العربية والعالمية، حيث سارت الحركات الأخرى على نهجها التنظيمي واهتمامها بالجماهير والاعلام والتطور السيبراني والتكنولوجي والعمل المؤسسي.

ومن يراقب مؤسسات حزب الله بشكل منصف، يعلم جيّدًا انها تتمتع بالصفة الإستراتيجية التي تنمي أجيالا جديدة على عقيدة المقاومة والبصيرة والحكمة والجمع بين الوطنية والانتماء لقضايا الأمة، كما يلمح الاثر الإستراتيجي في السعي للاستقلال الاقتصادي لمواجهة الحصار وتطوراته، وكلها مؤسسات تستهدف المستقبل وتواجه التحديات الطارئة بنفس القدر الذي تتعاطى به مع الحاضر وتحدياته.

من يراجع خطابات الشهيد نصر الله والوثيقة السياسية الصادرة عام 2009 يعرف مدى وضوح الرؤية والقراءة للصراع الدولي والإقليمي والتوازنات ودور حركات المقاومة، وتحديدًا تكليف حزب الله لنفسه وفقًا لهذه القراءة الشاملة الثاقبة.

ومن يراجع رؤية الشهيد لطوفان الأقصى وقوله إن ما بعده ليس كما قبله، وإن أميركا هي القائد الفعلي للعدوان، وإن حلفاء أميركا و"إسرائيل" ليسوا في مأمن من استهداف العدو، ثمّ يرى ما يحدث حاليًّا ولا سيما بعد استهداف قطر واستباحة سورية والتلويح بالعدوان على مصر والأردن والسعودية، سيعلم صوابية الرؤية التي تمتع بها سماحته.

بعد عام أريد له أن يشهد انهيارًا واستسلامًا للمقاومة، ثبت أن المقاومة صامدة وأنها تحتفظ بالردع رغم الصبر الإستراتيجي على الانتهاكات والجرائم اليومية، وأن العدوّ له سقف في استفزاز المقاومة وكلّ  ما يعمله العدوّ هو لتحريك ضغط داخلي والدفع نحو حرب أهلية لاستنزاف لبنان والمقاومة، بينما تحتفظ المقاومة بتوقيتاتها وحكمتها وعهدها ومسارها الإستراتيجي الذي طوره الشهيد السيد حسن نصر الله ويحمل أمانته الشيخ نعيم ورفاقه وجمهور المقاومة والمرابطون على الجبهات.

الكلمات المفتاحية
مشاركة