اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الوزير ناصر الدين من قطر: حراك صحي لتعزيز الشراكات ودعم صمود النظام الصحي اللبناني

عين على العدو

بين السادس والسابع من أكتوبر صرختان من الرعب وفشل واحد
عين على العدو

بين السادس والسابع من أكتوبر صرختان من الرعب وفشل واحد

48

في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، وفي ذروة ما عُرف بحرب "يوم الغفران"، صدحت أجهزة الاتصال من مقاتلي الحصون الصهيونية، بالنداء العاجل إلى قائد الفرقة 143 في الجنوب، إريك شارون: "أنقذنا!"، كان الجنود المصريون قد اجتازوا قناة السويس بأعداد كبيرة، تسلّقوا السواتر، واندفعوا إلى ساحات التحصينات. لكن أحدًا لم يأتِ لإنقاذ الجنود.

بعد خمسين عامًا، وفي السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بالتزامن مع ما يسمّى "فرحة التوراة"، تكرّر المشهد ذاته، وهذه المرة على حدود قطاع غزة. صرخات الخوف والرعب من المراصد الصهيونية انطلقت مجددًا عبر أجهزة الاتصال: "لقد اجتازوا ساعة الرمل.. نُفّذ خرق بري كامل".. ومرة أخرى، لم يأتِ أحد لإنقاذهم.

بهذه المقارنة الصادمة بدأ الكاتب الصهيوني دان أركين تقريره المنشور في موقع "إسرائيل ديفنس"، معتبرًا أن هاتين الصرختين تختصران حجم الانهيار الذي أصاب المؤسسة العسكرية والأمنية والسياسية للاحتلال، في اثنتين من أشد الحروب التي واجهها الكيان منذ تأسيسه.

يرى أركين، أن صرخات مقاتلي الحصون في 1973، وصرخات الرصد في 2023، لم تكن سوى جرس إنذار لبداية حربين دمويتين. الأولى استمرت أكثر من شهر، قبل أن تنتهي بمفاوضات في خيمة الكيلو 101 في سيناء، أتاحت لاحقًا اتفاق السلام مع مصر، ووصل خلالها جيش الاحتلال إلى بُعد 42 كيلومترًا من دمشق.

أما الثانية التي انفجرت بعملية "طوفان الأقصى"، فتجاوزت العامين حتى الآن، دون مؤشرات جدية على نهايتها، رغم الحديث مؤخرًا عن "فرصة" محتملة في خطة ترامب المطروحة هذا الأسبوع.

يشرح الكاتب الصهيوني أن "الدولة" ومؤسساتها العسكرية والأمنية سقطت مجددًا ضحية ما يسميه الصهاينة بـ"المفهوم"، وهو الاعتقاد الراسخ بعدم استعداد الطرف الآخر لخوض الحرب.

ففي 1973، كان المفهوم يقول: "المصريون لن يعبروا القناة، لن يتحركوا قبل استلام صواريخ من روسيا، والسوريون لن يتحركوا دون تنسيق مصري، مما يعني أنه لا إشارات لاندلاع الحرب.

ورغم أن ضابطًا شابًا حذّر من إزالة شبكات التمويه وتحرك العائلات الروسية من مصر، فإن القيادة رأت ولم تفهم، وسمعت ولم تصدّق.

والمشهد ذاته تكرر قبيل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023: حماس ترسل مجموعات كل أسبوع إلى قرب السياج وتطلق محلّقات في سماء غزة، ثم تحرق الحقول وتنفذ "نشاطات هجومية" مزعومة.

لكن المؤسسة الأمنية لم ترَ فيها علامات خطر حقيقي، رغم أن عناصر المقاومة، كما وصفهم أركين، كانوا "يقيسون الثغرات في السياج".

الكاتب الصهيوني يُسجّل ملاحظة قاسية عن طبيعة الأداء داخل مؤسسات القرار الصهيوني. خلال عطلة العيد، كان بالإمكان اتخاذ تدابير بسيطة: عدم تقليص عدد القوات، ترك أربع مروحيات في حالة تأهب.

لكن ما حدث هو العكس. فقد تم تحديد "تقدير الوضع" في الساعة 08:00 صباحًا، كأن الأمور تسير بشكل اعتيادي. ويتحدث أركين عن بيئة يهيمن عليها "الكبرياء، الغرور، التفاخر، التكبر، والنظرة الدونية للمرؤوسين، خاصة المجندات من الرتب الدنيا".

ويورد مثالًا واضحًا: مجندة أبلغت قائدها أنها ترى "تحضيرات للعمل" من الجهة الأخرى، فردّ عليها بكل استخفاف: "اعتني بشؤونك، لا تتدخلي ولا تزعجي".

يرى أركين، أن الكارثة لم تكن فقط في عدم الإصغاء إلى التحذيرات، بل في غياب أي شخصية تمتلك الشجاعة لتحذير القيادة السياسية والعسكرية بأن الحرب قادمة، ويؤكد أن ذلك لا يُعفي أصحاب المناصب العليا من المسؤولية: رؤساء الوزراء- وزراء الأمن- رؤساء الأركان- قادة الأجهزة الأمنية، جميعهم مسؤولون؛ لأن ما جرى حدث تحت أعينهم، وهم لم يكلّفوا أنفسهم التحقق أو فحص الوقائع أو التشكيك في التقديرات.

يختم الكاتب مقاله بدعوة صريحة إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية لدراسة ما حصل قبل وبعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، مؤكدًا أن "هذا هو الحد الأدنى الذي يجب أن يطالب به الجمهور الصهيوني ممثليه، ومن فشلوا في أداء واجباتهم.. فمن حق الجمهور أن يطلب من القادة العسكريين والمدنيين أن يُظهروا: قدرًا أقل من الغرور وأكبر من المهنية، وتواضعًا بدلًا من الكبر؛ احترامًا للحقائق بدلًا من الاستخفاف بها".

الكلمات المفتاحية
مشاركة