اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الشيخ الخطيب: على الحكومة الوفاء بالتزاماتها

تحقيقات ومقابلات

إسناد حزب الله لغزّة.. التحوّل الاستراتيجي في الحرب
تحقيقات ومقابلات

إسناد حزب الله لغزّة.. التحوّل الاستراتيجي في الحرب

عطايا لـ"العهد": معركة الإسناد دعم قوي لغزّة ومفصل إستراتيجي في مسار الصراع مع الاحتلال
159

ليس من السهل، في لحظات التحوّل الكبرى، أن تُدرك أين تبدأ المعركة فعليًا، وأين تنتهي. أبرز تلك اللحظات المفصلية على صعيد الأمّة، ما شهدته المنطقة عقب السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، حين دوّت صواريخ "طوفان الأقصى" في قلب المشروع الصهيوني، فكان الرد الأول، الأسرع، والأكثر جرأة من الجنوب اللبناني. 

منذ الساعات الأولى لاندلاع المواجهة الكبرى، معركة إسناد حزب الله عبّرت عن قرار إستراتيجي مدروس، ضرب العقل العسكري الصهيوني، الذي كان يراهن على عزل غزّة، وقطع أوصال الدعم عنها.

في حديث شامل لموقع "العهد" الإخباري، نذهب مع عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إحسان عطايا، إلى ما وراء الخبر، لنقرأ أبعاد معركة المقاومة الإسلامية في لبنان إسنادًا لغزّة.

مفصلٌ إستراتيجي في مسار الصراع مع الاحتلال

عطايا أكد لـ"العهد" أنّ معركة الإسناد العسكري التي بدأت منذ أكثر من عامين من جبهة جنوب لبنان، بالقرب من الحدود الفلسطينية المحتلة، كانت دعمًا قويًا لغزّة، ومفصلًا إستراتيجيًا في مسار الصراع مع الاحتلال، وقال: "في اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، لم يعد هناك مجال للشك بأن القرار الجريء والإستراتيجي الذي اتّخذته قيادة المقاومة الإسلامية في لبنان، بشجاعة وحكمة عالية، قد حوّل مسار المعركة لمصلحة شعبنا وأمتنا ومقاومتنا في فلسطين المحتلة والمنطقة".

وأشار عطايا إلى أنّ هذا القرار أدى إلى تشتيت قدرات جيش الاحتلال الصهيوني، وأجبره على التهجير من شمال فلسطين، كما جسّد وحدة الساحات بشكل عملي غير مسبوق، وفتح الباب لتحركات جبهات إسناد أخرى، وعلى رأسها جبهة اليمن التي قدمت إسنادًا إبداعيًا مستمرًا. 

وتناول عطايا كذلك دور "الفصائل" الإسلامية في العراق، وصولًا إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي حافظت على موقف ثابت تجاه فلسطين، وقدمت أشكال الدعم المختلفة للشعب الفلسطيني ومقاومته.

وحدة الساحات باقية

رغم الضربات المتلاحقة التي تعرضت لها المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن والعراق، أكد عطايا أنّ وحدة الساحات ما تزال قائمة وتحقّق نتائجها ومفاعيلها. وقال: "على الرغم مما تعرضت له المقاومة من ضربات في المنطقة، ومحاولات حثيثة لتفكيك قدراتها، إلا أنها ما زالت تمتلك من عناصر القوّة ما يجعلها قادرة على الاستمرار في تثبيت وحدة الساحات".

كما لفت عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي إلى أنّ حلفاء المقاومة الفلسطينية لا يزالون يحتفظون بقدرات مهمة، وأنّ التنسيق بينهم لم يتوقف، رغم الهجمات الصهيونية الأميركية الشرسة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقوى المقاومة الداعمة والمساندة لغزّة، وعلى رأسهم حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن.

وفي هذا السياق، استعرض عطايا أبرز الأدلّة التي تؤكد ذلك:

أ - إسناد المقاومة الإسلامية من لبنان وإن توقف عسكريًّا بفعل الحرب الصهيونية الوحشية الواسعة، والقصف الهمجي للمباني السكنية في مناطق مختلفة، واستهداف قيادات عظيمة وكبيرة، وتدمير جزء من القدرات العسكرية، إلا أن الإسناد الإعلامي والسياسي وغيرهما لم يتوقف لحظة واحدة. كما أن قدرة حزب الله الهائلة على إعادة ترميم قدراته العسكرية والقيادية، واستعادة عافيته، في وقت قياسي، قد أربك العدوّ الصهيوني والإدارة الأميركية على حدّ سواء.
ب - الإسناد العسكري من اليمن لم يتوقف طوال المعركة، حيث فشل العدوّ في إسكات صوت الصواريخ والمسيّرات التي تستهدف عمق الكيان الصهيوني، رغم القصف العنيف والهمجي لمواقع عسكرية ومدنية في مناطق مختلفة من اليمن.
ج - إسناد الجمهورية الإسلامية الإيرانية على المستوى الدبلوماسي والسياسي والإعلامي، وعلى مستوى الدعم المادي والمعنوي، لم يتوقف لحظة واحدة منذ بدء المعركة حتّى يومنا هذا. أما على المستوى العسكري فقد استطاعت إيران أن توجه ضربات موجعة لكيان العدوّ في أكثر من محطة، وكان الرد الصاروخي المُزلزل على العدوان الصهيو-أميركي الذي استهدفها دليلًا على أنّ محور المقاومة ما زال قويًّا ومتماسكًا، ويتمتع بقدرات عالية، وأن الحلف المعادي لم ينجح في القضاء على المقاومة أو هزيمتها.
د - إسناد فصائل المقاومة الإسلامية في العراق بأشكال مختلفة مستمر، ونشاطها حاضر، ودورها مؤثر أيضًا.
وبناء عليه، فإن وحدة الساحات ما زالت قائمة، رغم ما تعرضت له من انتكاسات، والتنسيق بين محور المقاومة ما زال مستمرًّا، ولم يتوقف لحظة واحدة خلال معركة طوفان الأقصى.

الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه

بعد مرور عامين على معركة "طوفان الأقصى" وإعلان أميركا عن انتهاء الحرب، فشلت "إسرائيل" في تحقيق أهدافها التي أعلنتها منذ اليوم الأول لعدوانها الوحشي على غزّة، بحسب ما جزم عطايا، وقال: "لم يتمكّن العدوّ مع شركائه وداعميه من تحقيق هذه الأهداف، على الرغم من المجازر الوحشية والإبادة الجماعية والحصار الخانق والتجويع والتدمير الهائل في غزّة".

وأضاف: "المقاومة الفلسطينية اليوم ما زالت قوية ومتماسكة، وصاحبة القرار والكلمة الفصل، رغم خسائرها الكبيرة وتضحيات شعبها الجسيمة. ويمكننا توضيح ذلك بما يلي:

أولًا: أهداف العدوّ الصهيوني المعلنة:
1 - القضاء على المقاومة في غزّة، وتدمير قدراتها العسكرية.
2 - استعادة أسراه من قبضة المقاومة، بالقوّة ومن دون أي شرط أو قيد.
3 - تهجير الشعب الفلسطيني من غزّة.

وفي حال تمكّن العدوّ من تحقيق هذه الأهداف، فإن ذلك سيؤدي إلى:
أ - استعادة الردع الصهيوني المفقود.
ب - كيّ الوعي الفلسطيني، وإضعاف قدرة الشعب على الصمود.
ج - تغيير الواقع السياسي في غزّة، وكذلك في الضفّة، من خلال القضاء على قيادة المقاومة، وفرض أشكال جديدة من السلطة.
د - استعادة السيطرة العسكرية على المناطق التي يعتبرها العدوّ الصهيوني تشكّل تهديدًا لأمنه.

هل تحققت هذه الأهداف اذًا؟ يُجيب عطايا: "نؤكد مجددًا على أنه رغم الخسائر الكبيرة لدى المقاومة، على مستوى بنيتها العسكرية واستشهاد نخبة من قادتها، أو على مستوى الدمار الهائل للبنى التحتية والمباني السكنية والمدنية في غزّة، أو على مستوى الحصار الخانق والتجويع وقتل الأطفال والنساء والمدنيين، لتشكيل ضغط نفسي ومعنوي هائل، وإحداث أزمات إنسانية واجتماعية مؤثرة على صمود أهل غزّة، فإن المقاومة ما زالت قادرة على إطلاق الصواريخ، وشنّ الهجمات، وتنفيذ العمليات، والتصدي لجيش العدو.. وهذا يعني أن العدوّ لم يستطع تحقيق هدفه الأول، وكذلك لم يتمكّن من تحقيق هدفه الثاني، فهو قد فشل في استعادة أسراه بالقوّة العسكرية. ولم ينجح أيضًا في تحقيق هدفه الثالث، وهو تهجير الشعب الفلسطيني من غزّة. ويضاف إلى ذلك:
 - خسائر جيش العدوّ الفادحة، البشرية والمادية.
 - عدم القدرة على استعادة الردع الصهيوني المفقود.
 - ازدياد الضغط الدولي السياسي والشعبي العالمي على كيان العدو، بسبب ما ارتكبه من مجازر وحشية، وجرائم ضدّ الإنسانية، وإبادة جماعية، وحصار وتجويع، وانكشاف صورته الحقيقية الدموية بعد سقوط قناعه المزيّف، ما أثّر على الرأي العام العالمي من جهة، وعلى مواقف معظم الدول من جهة ثانية. 
 - كيّ الوعي الصهيوني المتعلّق باحتلال فلسطين، من قلق دائم وعدم الشعور بالأمان والطمأنينة.

ثانيًا: واقع المقاومة الفلسطينية بعد سنتين من طوفان الأقصى:
لم يتوقف نشاط المقاومة الفلسطينية يومًا واحدًا، فهي متنوعة، وتؤدي دورها الفاعل والمؤثر بما تمتلكه من إمكانيات مادية أو قدرات بشرية وعسكرية، ولم تنكسر رغم ما تعرضت له من ضربات قوية. وهذا يدل على قوة إيمانها ومنطلقاتها، وصلابة بنيانها ومرتكزاتها، وأحقية مشروعها وأهدافها. ويمكننا الإشارة هنا إلى ما يلي:
 - تعدد فصائل المقاومة الفلسطينية، وبروز دورها العسكري في غزّة، وتأثير كتائبها المقاتلة في الضفّة، وعلى رأسها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
 - استخدام أساليب عسكرية متنوعة في المقاومة، من إطلاق صواريخ، أو تنفيذ عمليات، أو قنص، أو تفجير عبوات، أو نصب كمائن.
 - قدرة المقاومة على التكيف مع الحصار الخانق، والدمار الهائل، وتمكّنها من البقاء في ظل هذا الواقع لفترة طويلة، والتأقلم مع التحديات والتهديدات المختلفة، والتعامل مع هذا الواقع بمرونة عالية وشجاعة وحكمة وحنكة، وابتكار وسائل الثبات والصمود والتصدي، بشكل أذهل العدوّ وفاجأ العالم.
 - قدرة الشعب الفلسطيني في غزّة على الثبات والصمود، رغم الخسائر البشرية والمادية الهائلة، ما يقرب من ثمانين ألف شهيد ومفقود ومائة وسبعين ألف جريح، وتدمير ما يقرب من تسعين بالمائة من غزّة. فقد استطاع أهلنا في غزّة أن يتجاوزوا هذه الكارثة الكبرى بصبرهم الأسطوري، وقدرتهم الهائلة على التحمل، وتعاملوا مع الواقع المأساوي بإيمان ويقين مطلق بأن الظلم لا يدوم، وأن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرًا، وأن مع الضيق فرجًا، ومارسوا نشاطهم الصحي والتعليمي بمواد أولية وموارد بسيطة جدًّا، وأثبتوا للعالم أنهم شعب عظيم يستحق الحياة الكريمة، وهو جدير بالتحرر والانتصار.
 - استفادة المقاومة في غزّة من الدعم المعنوي والشعبي الكبير، من الفلسطينيين داخل غزّة وخارجها، ومن المناصرين والمؤيدين والأحرار في العالم، ما عزّز قوة المقاومة ورمزيتها، ودورها المؤثر في الحاضر والمستقبل. وكذلك استفادة الشعب الفلسطيني في غزّة من المساعدات الإنسانية والدعم المادي الذي كان يصلهم من الفلسطينيين، ومن المتضامنين في مختلف أنحاء العالم، ناهيك عن الدعم المعنوي، عبر التضامن الشعبي العربي والإسلامي والغربي، ما عزّز صمودهم وثباتهم، وقوّى عزيمتهم، ورفع معنوياتهم".

الكلمات المفتاحية
مشاركة