عين على العدو

قال المحلل السياسي إيتمار آيخنر، في صحيفة "يديعون أحرونوت" الصهيونية، إنّ إقالة تساحي هنغبي من رئاسة مجلس الأمن القومي، مساء يوم أمس (الثلاثاء)، شكّلت استكمالًا للفراغ المتسع حول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مع تفكك شبه كامل للخلية السياسية-الأمنية المحيطة به. إذ تولى تساحي برفرمان رئيس طاقم المكتب منصب سفير في بريطانيا، واستقال الناطق باسمه عومر دوستري، فيما انتقل مدير المكتب يوسي شيلي إلى منصب سفير في دولة الإمارات. والمستشار يوناتان أورِيخ ما يزال غير قادر على العمل معه بسبب قضية "قطر-غيت"، أما الوزير رون ديرمر، وهو أحد أبرز المقرّبين، في طريقه إلى المغادرة في مطلع الشهر القادم.
هذا؛ ورأى المحلل الصهيوني أنّ نتنياهو سيُضطر قريبًا إلى اتخاذ سلسلة قرارات بشأن تعيينات جديدة في مناصب عليا، بالتزامن مع احتمالات تقديم موعد الانتخابات المرتقبة في العام المقبل. وأضاف: "في هذه الأثناء، عيّن نائب هنغبي غيل رايخ قائمًا بأعمال رئيس مجلس "الأمن القومي" مؤقتًا، إلى حين اختيار بديل دائم، لافتًا إلى أنّ من بين المرشحين المحتملين شلومو بن حنان، وهو مسؤول سابق في "الشاباك" ومرشح سابق لرئاسة الجهاز، ويُعدّ شخصية محل تقدير عند نتنياهو".
بحسب آيخنر، تشير التقديرات إلى أن الصلاحيات الواسعة التي مُنحت لرون ديرمر، والذي لُقّب بـ"وزير الخارجية لشؤون الولايات المتحدة" ومسؤول الاتصالات السياسية مع جهات متعددة، ستُقسَّم بين سفير "إسرائيل" في واشنطن يحيئيل لايتر ووزير الخارجية جدعون ساعر، في ما سيتولى لايتر "الملف الأميركي"، أي المسار السياسي والأمني مع واشنطن، بينما ستكون مهام ساعر مرتبطة بالعلاقات المدنية مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، يبدو أن نتنياهو يرى لايتر المرجع الأساسي في علاقات "إسرائيل" الخارجية مع واشنطن.
ولفت آيخنر إلى أنّه: "خلال الأشهر الأخيرة، أُبعد هنغبي تدريجيًا عن دوائر التأثير. فلم يُدعَ إلى رحلة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن. وأكدت مصادر سياسية أن سارة نتنياهو لم تكن راضية عن أدائه ودَفعت باتجاه استبداله. كما أوضحت أوساط في مكتب رئيس الحكومة أن يائير نتنياهو، أيضًا، غضب عليه، واشتكى الاثنان من أنه "ضعيف جدًا ولا يمدح رئيس الحكومة بما يكفي"". وأضاف: "وفقًا لمقربين من نتنياهو، فقد قرر رئيس الحكومة أنه لن يُبقي هنغبي في منصبه، مشيرين إلى أن الجانبين رغبا بذلك، لأن هنغبي نفسه لم يُرِد الاستمرار لأسباب شخصية".
وأردف المحلل الصهيوني: "خلال ولايته، دخل هنغبي في سلسلة من الخلافات الحادة مع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، خصوصًا بشأن قضايا مثل زيارات الصليب الأحمر للأسرى الأمنيين وزيارات بن غفير الاستفزازية إلى الحرم القدسي، ما أدى إلى توترات دبلوماسية وانتقادات دولية. إذ يعدّ هنغبي "البالغ المسؤول" في بيئة نتنياهو، والذي حاول كبح خطوات الوزيرين بن غفير وسموتريتش التي عدّت متهورة، لكنه فشل في ذلك مرارًا، وفي المقابل، قالت مصادر في مكتب نتنياهو إن هنغبي انتهج خطًا "متساهلًا أكثر من اللازم" تجاه حماس ودفع نحو عقد صفقات في مراحل مختلفة".
ورأى آيخنر أنّ: "إقالة هنغبي تُعيد الأنظار إلى تراجع مكانة مجلس الأمن القومي. في السنوات الأخيرة، تزايدت الادعاءات بأن مجلس الأمن القومي أصبح هيئة ضعيفة وغير تنفيذية، تعقد اجتماعات مطوّلة لكنها عاجزة عن بلورة قرارات عملية"، لافتًا إلى أنّ: "مسؤولين في المؤسستين السياسية والأمنية إن المجلس، بدلاً من أن يُنسّق بين القضايا الأمنية المختلفة، ابتعد عن العمل الميداني، بل إن هنغبي نفسه سعى إلى تقليص مجالات نشاطه خلافًا لرأي الجهات المهنية التي طالبت بتوسيعها".