اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي بالصور| حزب الله يتقبل التبريكات باستشهاد القائد الجهادي الكبير السيد هيثم الطبطبائي

نقاط على الحروف

العدوان على الضاحية ولعنة البركة
نقاط على الحروف

العدوان على الضاحية ولعنة البركة

216

في العام 1970 نشر المؤرخ الصهيوني"شبتاي ديفيد" كتابه "لعنة البركة"، وذلك عن الثمن الباهظ للنجاح العسكري الساحق في العام 1967، لناحية تضخم الذات والغرور، المؤدّي بدوره للعمى الإستراتيجي، وهو ما ظهر بعض نُذره في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973.

وبعد ما اصطُلح على تسميته "وقف الحرب" في غزّة عام 2025، كتب "جدعون ليفي" في"هآرتس"، عمّا سمّاه "بركة اللعنة"، فكتب: "بعد غزّة حان وقت بركة اللعنة، ليست لعنات تتساقط علينا، بل ربما نهاية عهد المسيانية والتعالي على الجميع، وبداية العودة إلى حجمنا الحقيقي".

قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، كان الكيان يُنظر إليه كحليف للولايات المتحدة، قادرًا على حماية مصالحها، ولكن بعده تبدّى الحجم الحقيقي للكيان، كيان غير قادرٍ على حماية نفسه، وهو بحجم أداةٍ صغيرة للقوة الأميركية، التي تشكّل له حماية عسكرية وسياسية وقانونية ومالية.

لذلك من العبث مجاراة مفرخة العواجل الإخبارية، بعد كلّ جريمةٍ ترتكبها "إسرائيل"، عن علم الولايات المتحدة بها، قبل أو بعد أو أثناء، فهذا الكيان التابع فقَدَ قراره، والهامش الواسع الذي كان لديه قبل الطوفان، تقلّص بشكلٍ يكاد يلامس الصفر، ولا يتم إظهار هذا الهامش إلّا حسب مقتضيات المصلحة الأميركية، وعليه فإنّ كلّ الجرائم هي أميركية بالدرجة الأولى، وبالأداة "الإسرائيلية".

وآخر جريمة تم ارتكابها حتّى لحظة كتابة هذه السطور، ولن تكون الأخيرة، ليست استثناءً، هي جريمة قصف الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث يعتبرها البعض تجاوزًا لخطٍ أحمر، في ما الحقيقة هي أنّ كلّ قطرة دمٍ هي خطٌّ أحمر، أجنوبًا سقطت أم شرقًا أم في الضاحية أم بيروت.

وأكاد أقطع بأنّه على المستوى الأخلاقي بالنسبة لحزب الله، فكلّ قطرةِ دمٍ هي خطٌّ أحمر، أكانت في فلسطين أو لبنان، ولكن هناك ضرورات سياسية تجعل من مكان الاستهداف مكللًا بالخط الأحمر، والخط الأحمر هنا ليس مدخلًا ضروريًا لردودٍ عسكرية سريعة أو متسرعة، بل هو تراكمٌ يتم التعامل معه ضمن إستراتيجيةٍ عامّة.

إستراتيجيةٌ عامّة قررها حزب الله، للتعامل مع العدوانية ""الإسرائيلية""، حين وافق على اتفاق وقف النار، ولا يستطيع أحدٌ الجزم بطبيعتها أو أركانها، بينما نستطيع الجزم أنّه ليس من أركانها أو طبيعتها اعتماد ردّ الفعل كحاكم، فالحزب يدرك أنّه يمشي في حقل ألغام، ويدرك أنّ عليه معرفة موطئ قدمه، خصوصًا أنّ المتربصين داخليًا وإقليميًا ودوليًا أكثر من أن يُعدّوا.

إنّ العدوان على الضاحية الجنوبية، واغتيال قائد عسكري في حزب الله، هو ترجمة عملية للتحذيرات الأميركية، التي كان يتم توجيهها للبنان، إن كان إعلاميًا أو عبر القنوات الدبلوماسية، وفحواها إمّا حربٌ أهلية، عبر دفع الجيش اللبناني للاصطدام بالحزب وبيئته، وإمّا أن نطلق كلبنا - "إسرائيل" - عليكم.

والمفارقة، أنّ هناك من يتخّذ من هذا العدوان المستمر، مرتكزًا للمطالبة بنزع سلاح الضحية، وليس دافعًا للتمسك بأسباب القوّة ورصّ الصفوف وطنيًا، لمواجهة العدوان، الذي لا يستثني أحدًا، ويوهمون الناس بأنّ الأزمة هي بسبب من تمسك بالدفاع عن نفسه وشعبه وبلاده، وليست في العدوّ الذي لا يحتاج مبرراتٍ للعدوان، خصوصًا أننا نعيش في عالمٍ كما قال "آينشتاين"، " عالمٌ عضلاته أكبر من عقله، وغرائزه أكبر من ضميره"، فلا يمكن مواجهته بالدموع وهمهمات الشكوى، وهو عالمٌ يطلق علينا كلبًا بلا عقلٍ وبلا ضمير، يتخذ من القتل دينًا ومحرك بقاء، عقيدته إن لم نقتلهم أفرادًا وجماعات، لن يكون لنا بقاءٌ في هذه المنطقة.

إنّ محور المقاومة اليوم أكثر تمسكًا بسلاحه، وأكثر إدراكًا لصحة خياراته، وأنّه لا طريق أقصر من القوّة، ولا سبيل سوى السلاح، للوصول إلى حماية الحقوق، أو أقلّه حماية الحدود، وأنّ التخلّي عن السلاح لا يعني سوى الانتحار، بينما تمسك "إسرائيل" بسياسة الإفراط في القتل لا القتال، هو انتحارٌ بطيء.

لأنّ عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، ولن يتم محو آثار الطوفان، مهما حاولت أميركا ذلك عبر الإيغال في القتل، بل كلما دفعت الكيان للعدوان أكثر، حلّت عليه لعنة ما يظنّها البركة أكثر، وستكون مقتلته الحقيقية والأخيرة، ولو بعد حين.

الكلمات المفتاحية
مشاركة