ترجمات

هل ستشهد أميركا سيناريو الثورة الفرنسية؟
رأى الكولونيل الأميركي المتقاعد دوغلاس ماكغريغ أن على القيادة الأميركية استعادة ثقة الشارع بمواجهة تجاوزات النخبة وتأمين الحدود ووقف الحروب واعتماد الانضباط المالي لتجنّب سيناريو الثورة الفرنسية.
قال الكولونيل الأميركي المتقاعد، دوغلاس ماكغريغور، إنّ "الشعب الأميركي لديه هواجس من قوة "النخبة" وموضوع محاسبتها"، مشبّهًا ذلك بما حصل خلال الثورة الفرنسية في عام 1789 "حينما ركّزت تلك الثورة على الأرستقراطيين الفرنسيين في ظل الغضب العارم بسبب الثروة التي كانت تملكها هذه النخبة وسقوطها الأخلاقي".
وذكّر ماكغريغور، في مقالة نُشرت على موقع The American Conservative، بفضيحة جيفري إبستين التي "لم تنتهِ مع وفاة الأخير في زنزانته، بل إنّها انتشرت"، مشيرًا إلى أنّ "المعطيات تشير إلى حماية وفّرتها إدارات متعاقبة من الحزبَيْن "الجمهوري" و"الديمقراطي" لشبكة شملت أسرة (بيل) كلينتون و"وادي سيليكون" وMar-a-Lago"، مستندًا إلى ما وثّقته الصحفية الاستقصائية جولي براون.
وبينما قال، إنّ "ارتباط الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمدعو إبستين لم يتخطّ الدوائر الاجتماعية في حقبة التسعينيات"، اعتبر الكاتب أنّ ذلك "دليل على مشكلة طبقية"، مبيّنًا أنّ "التداخل الاجتماعي بين النخبة الحاكمة وشخص مُدان بارتكاب جرائم جنسية، إنّما يدفع بالناخبين إلى الوصول إلى استنتاجات حول النسيج الأخلاقي لأصحاب السلطة".
ورأى ماكغريغور أنّ "ملف إبستين الذي تفاقم بسبب ارتباط الأخير بترامب، يشكّل حساسية خاصة، حيث كشف عن غياب الثقة العميقة لدى عدد كبير من الأميركيين حيال نخبة يُنظَر إليها على أنّها تعمل فوق القانون"، فـ"العديد من الأميركيين الذين دعموا ترامب أصبحوا يقلقون بشكل متزايد، والناخبون الذين انتخبوه وُعِدوا بأكثر من مجرَّد حدود آمنة"، وضبّاط حرس الحدود توقّعوا إستراتيجية شاملة تشمل القوات المسلحة الأميركية من أجل مراقبة وتأمين الحدود والأجواء والمياه، إلّا أنّ أيَّ خطة مُستدامة لم تصدر بعد"، بحسب ماكغريغور.
أمّا بشأن السياسة الخارجية، فأشار ماكغريغور إلى أنّ "ترامب تعهّد بإنهاء التدخلات العسكرية المكلفة التي لا تحقّق أيّ مكاسب إستراتيجية للشعب الأميركي"، إلّا أنّه قال، إنّ "إدارة ترامب استمرّت وتوسّعت في السياسات التي تشبه تلك التي تبنّتها إدارة (الرئيس الأميركي السابق جو) بايدن، بما في ذلك الحروب بالوكالة ضد روسيا و"السكوت" عن الأزمة الإنسانية في غزة"، على حد تعبيره.
ونبّه ماكغريغور إلى أنّ "طموحات "إسرائيل" الإقليمية تهدّد في توريط الولايات المتحدة في نزاع طويل يؤدّي إلى إنفاق الموارد المالية والمادية".
وعلى الصعيد الاقتصادي، لفت ماكغريغور الانتباه إلى أنّ "الشعب الأميركي يشعر بتأثير التضخّم والهجرة والغموض الاقتصادي، وذلك بشكل يومي"، موضحًا أنّ "العديد (من الشعب) كان يأمل بأنْ يوقف ترامب السياسات المالية التوسّعية التي اعتمدتها إدارات أميركية متعاقبة، غير أنّ ذلك لم يتحقّق".
وتابع قوله: "باختصار، تتّجه واشنطن بسرعة نحو أزمة دَيْن وحروب خارجية متصاعدة واضطراب داخلي محتمل دون أُفق مستقبلي واضح، وملف إبستين يؤكّد هشاشة ثقة الشارع"، مذكّرًا بأنّ "انهيار النظام الملكي في فرنسا أدّى إلى أعوام من العنف والفوضى".
ودعا ماكغريغور ترامب إلى "ألَّا يستهين بتآكُل الثقة في إدارته والطبقة السياسة عمومًا، باعتبار أنّ المسألة مرحلية وستنتهي". كما شدّد على أنّ "المجتمع المتنوع كالموجود في أميركا يحتاج إلى توجيه دقيق من أجل الحفاظ على التلاحم الاجتماعي"، مؤكّدًا أنّ "أحداث العنف التي حصلت في صيف عام 2020، والقوى التي كانت خلفها ما زالت موجودة".
وأضاف ماكغريغور: "العلاقات الوطيدة بين ترامب وإبستين أثارت المشاعر، حيث سلّطت الضوء على المخاوف العميقة حيال قوة النخبة والتدهور الأخلاقي". واعتبر أنّ "ترامب سيرتكب خطًأ جسيمًا إذا ما تجاهل أثر فضيحة إبستين، فيما تتزامن هذه الفضيحة مع فشل الإدارة في الإيفاء بتعهُّدات أساسية كانت قد قُدِّمت خلال الحملة الانتخابية".
وحثّ ماكغريغور، في ختام مقالته، القيادة الأميركية على أنْ "تستعيد ثقة الشارع من خلال مواجهة تجاوزات النخبة، وتأمين الحدود، ووقف الحروب العبثية، واعتماد الانضباط المالي". وقال: "حينها فقط، يمكن لأميركا أنْ تتجنّب ما حدث في فرنسا خلال الثورة التي شهدتها الأخيرة".