عربي ودولي

حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أنّ أي تصعيد إسرائيلي جديد في العدوان العسكري على قطاع غزة، خصوصًا على صعيد الاجتياح البري، من شأنه أن يفتح فصلًا جديدًا من المجازر الجماعية بحق المدنيين، ويقضي على ما تبقى من الجهود الإنسانية المنهكة أصلًا.
وفي بيان صحفي تلقّته وكالة "صفا"، يوم الثلاثاء، أكّد المرصد أنّ استمرار هذا النمط من العمليات العدوانية يعكس إصرارًا إسرائيليًّا على المضي قدمًا في جريمة الإبادة الجماعية، في ظل صمت دولي مريب، وتواطؤ مباشر من عدد من الدول التي تواصل تقديم الدعم السياسي والعسكري والمالي للاحتلال.
وأشار المرصد إلى أنّ المجازر المرتقبة ليست تطورات عشوائية بل نتائج متوقعة لسياسات ممنهجة، تستند إلى قرارات سياسية واضحة تتبنّاها الحكومة الإسرائيلية، وسط تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ أي إجراءات رادعة.
ونوَّه إلى وجود مؤشرات قوية على أن الاحتلال يتّجه نحو تنفيذ اجتياح بري شامل، مدعوم بخطط تمّت مناقشتها داخل الكابينت الأمني الإسرائيلي، وصادق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على إطارها العام، في مسعى لإعادة احتلال القطاع بالكامل.
ووفقًا للمرصد، فإنّ هذه الخطة تشكّل امتدادًا مباشرًا لجريمة الإبادة التي تُنفَّذ بحق أكثر من مليوني فلسطيني، حُشروا قسرًا في أقل من 15% من مساحة القطاع، وسط دمار واسع طاول 84% من البنى التحتية الصحية، وانهيار شبه كامل في شبكات المياه والصرف الصحي، وتوقف العملية التعليمية بشكل تام.
وأشار إلى أنّ هذه الظروف القسرية المفروضة على السكان تمثّل تطبيقًا ممنهجًا لسياسة تجويع وإبادة، تُنفّذ في وضح النهار، على مرأى العالم الذي يكتفي بإصدار بيانات جوفاء.
وبيّن المرصد أن أكثر من 90% من سكان القطاع نزحوا قسرًا داخل مناطق مدمّرة، في موجات تهجير متكررة، بينما تفشّت المجاعة بشكل خطير، وبدأت تحصد الأرواح، في ظل نظام صحي منهار كليًّا، وعجز شبه تام عن توفير الدواء والمستلزمات الطبية.
وحذّر من أن أي عملية برية جديدة في ظل هذا الواقع تعني تصعيدًا مباشرًا في وتيرة القتل الجماعي، في منطقة مكتظة بالسكان، لا وجود فيها لأي ملاذ آمن، حيث يشكّل الأطفال والنساء النسبة الأكبر من الضحايا.
ولفت إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي يروّج، منذ 26 يوليو/تموز، لمزاعم زائفة بتحسين الوضع الإنساني، عبر السماح بدخول مساعدات محدودة لا تغطّي أكثر من 15% من الاحتياجات، في محاولة مكشوفة لتخفيف الضغوط الدولية، واستغلال هذه الخطوة غطاءً لتصعيد العمليات العسكرية.
وأكد المرصد أن هذا التوجّه يعكس نوايا خطيرة لإتمام مشروع التهجير القسري وإعادة تشكيل غزة جغرافيًّا وديموغرافيًّا، بما يخدم المشروع الاستعماري الصهيوني، عبر تكديس السكان في مناطق مغلقة أقرب إلى معسكرات احتجاز جماعية.
وانتقد المرصد مشاركة بعض الدول في إجراءات رمزية كإسقاط مساعدات جوًّا، معتبرًا أن مثل هذه الخطوات تُستخدم سياسيًّا لتجميل صورة جريمة مستمرة، بدلًا من معالجة جذور الأزمة المتمثلة في الحصار والتجويع الممنهج.
وطالب المرصد هذه الدول بمراجعة سياساتها فورًا، وضمان عدم توظيف إسهاماتها كغطاء لشرعنة الجرائم، مشدّدًا على ضرورة اتخاذ خطوات عملية لوقف الإبادة وضمان دخول المساعدات، وفتح ممرات إنسانية آمنة بإشراف أممي، مع نشر مراقبين دوليين للتحقق من الالتزام.
ودعا المرصد إلى تحرّك دولي عاجل، فرديًّا وجماعيًّا، لوقف جميع أشكال الإبادة في غزة، وفرض عقوبات شاملة على الاحتلال؛ تشمل الحظر العسكري والاقتصادي والدبلوماسي، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين الإسرائيليين المتورطين، ووقف التعاون الأمني والاستخباراتي معه.
كما طالب بتعليق عمل شركات السلاح والأمن الإسرائيلية في الأسواق العالمية، وتجميد امتيازاتها التجارية، وفتح تحقيقات قضائية في الدول التي تطبّق مبدأ الولاية القضائية العالمية بحق المسؤولين عن جرائم الحرب في غزة.
وأكّد المرصد ضرورة تسريع التحقيقات الجارية في المحكمة الجنائية الدولية، وتوسيعها لتشمل جرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري، مطالبًا بإصدار مذكرات توقيف جديدة وتنفيذها دون تأخير.
وختم المرصد بيانه بمطالبة الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي بتحمّل مسؤولياتها القانونية، وتنفيذ أوامر القبض بحق رئيس حكومة الاحتلال ووزير حربه السابق، دون مراعاة لمبدأ الحصانة؛ دعمًا للعدالة الدولية، وإنصافًا لضحايا الإبادة في غزة.