عين على العدو

نشرت صحيفة "إسرائيل هيوم" مقال رأي توقّفت فيه عند بعض المؤشرات التي حصلت إبّان الحرب "الاسرائيلية" الأخيرة على إيران، ولا سيّما لناحية مواقع الأهداف العسكرية وغير العسكرية المهمة التي استهدفتها الصواريخ الإيرانية مباشرة.
تقول الصحيفة في البداية: "في ساعات الفجر من يوم 16 حزيران، أصاب صاروخ إيراني مصنع بازان. قُتل ثلاثة "اسرائيليين"، ويُقدّر أنهم كانوا في غرفة داخلية، حيث علقوا تحت الأنقاض وسط ألسنة اللهب التي اندلعت في المكان. الهجوم ألحق أضرارًا كبيرة بمرافق الطاقة والأنابيب والبنية التحتية. وعلى إثر ذلك أعلنت شركة "بازان" أن منشآتها أُغلقت بالكامل، وستعود إلى العمل تدريجيًا خلال الأشهر المقبلة"، وتتابع "في الساعات الأولى التي تلت الضربة على منشأة "بازان"، حاولت الرقابة العسكرية منع نشر موقع سقوط الصاروخ، وذلك بهدف عدم مساعدة الإيرانيين في تحسين دقة توجيههم ومحاولة ضرب منشآت حيوية إضافية في المنطقة، إلّا أنه بعد أن بثّت قناة "الجزيرة" صورًا للإصابة المباشرة، أدركت الرقابة أن الأمر قد خرج عن السيطرة، ولم يعد بالإمكان منع نشر موقع السقوط".
وأشارت الى أن "هذا الحدث الخطير في مصنع "بازان" أبرز الثمن البشري والقومي المترتب على استمرار وجود المصفاة في قلب منطقة مأهولة بالسكان، ولم يعد الأمر مجرد خطر نظري".
ولفتت الصحيفة الى أن هناك في "اسرائيل" خطة لبناء مواقع تحت أرضية لجميع المشتقات النفطية، بطريقة تعزز حمايتها وتوفر لـ"إسرائيل" بدائل ومرونة في حال حدوث ضرر أو هجوم، موضحة في الوقت نفسه أن "هذه الخطة تنطوي على تكاليف باهظة جدًا، وحتى هذه اللحظة، لا يتم الدفع بها قدمًا".
وبيّنت الصحيفة أن عشرات مواقع البُنى التحتية تنتشر في أنحاء "إسرائيل"، تشمل من بين أمور أخرى محطات لتوليد ونقل الكهرباء، مصانع بتروكيميائية، منصات غاز ومحطات لاستقبال الغاز من البحر. مواقع العديد من هذه البنى التحتية معروفة، وكذلك نقاط ضعفها والنقاط الحساسة".
وبحسب الصحيفة، قائمة البنى التحتية الحيوية في "إسرائيل" هي قائمة سرّية، يتم تحديدها من قبل لجنة لحماية البنى التحتية الاستراتيجية، تحت إشراف الهيئة الوطنية للطوارئ، وبمشاركة ممثلين من المؤسسة الأمنية ومن الوزارات الحكومية ذات الصلة.
ووفق الصحيفة أيضًا، أدركت المؤسسة الامنية منذ فترة طويلة أن هذه البنى التحتية القومية ستكون هدفًا مفضلًا لأعداء "إسرائيل"، بما في ذلك إيران وحزب الله، ولذلك، في السنوات الأخيرة، تمّ تنفيذ عملية لتصنيف هذه البنى التحتية حسب الأهمية والأولوية، وتمّ بناء خطة لإيجاد حلول لكيفية حمايتها في أوقات الطوارئ، أو على الأقل إعدادها للاستمرارية الوظيفية نظرًا للأضرار التي لحقت بمكوناتها. لكل موقع مُصنَّف كبنية تحتية "وطنية"، وُضِعَت خطة دفاع طارئة مُناسبة، بناءً على أهميته وموقعه. تشمل هذه الخطة تعزيز الدفاع الجوي والبري، وعند الضرورة، إنشاء احتياطات ومواقع بديلة، وتوزيع قطع الغيار في مواقع مُختلفة، وغيرها.
"اسرائيل هيوم" ذكّرت أنه رغم الاستعدادات وتعزيز الدفاعات الجوية، فقد تضررت أيضًا مواقع حساسة مثل منشأة بازان وبعض القواعد العسكرية في أنحاء "اسرائيل"، وقالت "صحيح أن منظومة الدفاع الجوي "الإسرائيلية"، بمساعدة أمريكية، حققت نسبة اعتراض بلغت 86%، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بصواريخ أرض–أرض بعيدة المدى، فإن إصابة صاروخ واحد فقط قد تكون مدمرة وتتسبب بأضرار هائلة. لذلك، منذ مراحل التخطيط الأولى، يُطلب من كل بنية تحتية وطنية الحصول على ترخيص من قيادة الجبهة الداخلية، التي تقوم بفحص الموقع والمصادقة على خطط الحماية الخاصة به".
على سبيل المثال، تُكمل الصحيفة، يتمّ فحص إمكانية فصل الأنبوب الذي تضرر، حتى لا يؤدي إلى اشتعال شامل في المنظومة. من المفترض أن يكون طاقم العمل في المصنع أو الموقع على دراية كاملة بالتعليمات الخاصة بحالات الطوارئ، كما يُفترض أن تكون جميع مراكز الشرطة، الإسعاف (نجمة داوود الحمراء)، والدفاع المدني على دراية بالمواقع الحساسة في مناطقهم، لكي يعرفوا كيفية التعامل معها في حال تعرضها لأضرار. وتُعد شركة الكهرباء واحدة من أهم البُنى التحتية، ووفقًا لمصادر أمنية "اسرائيلية"، فقد أجرت خلال العامين الأخيرين تغييرًا جذريًا في جاهزيتها لحالات الطوارئ.
بالموازاة، تمّ في شركة الكهرباء التابعة للاحتلال بتوجيه من مديرها العام مئير شبيغلر إعداد خطة طوارئ شاملة، جرى خلالها زيادة مخزون وقود الديزل المخصص للطوارئ، وشراء قطع غيار تم توزيعها في مواقع مختلفة في أنحاء "اسرائيل"، إضافة إلى بناء قدرة على التكرار والتبديل (البدائل التشغيلية).
وفي الختام، تتحدّث الصحيفة عن خليج حيفا، فتخلص الى أنه ليس سرًا أن سكان المنطقة يطالبون منذ سنوات بإزالة المصانع التي تحتوي على مواد خطرة من منطقتهم. وبرأيهم، فإن المخاوف الأمنية والعامة تفوق الاعتبارات الاقتصادية، ويؤكدون أن هناك واجبًا "أخلاقيًا" لمنع الكارثة التالية قبل وقوعها.