عين على العدو

تطرّق موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت الإسرائيلية" إلى ارتفاع تكلفة الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، مؤكدًا أنّه في الولايات المتحدة يواجهون صعوبة في تجديد مخزون الصواريخ.
ولفت إلى أنِّ وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون) قدمت إلى الكونغرس الأميركي "طلبًا طارئًا واستثنائيًا للميزانية" بقيمة نحو ثلاثة ونصف مليار دولار، من أجل تجديد مخزون الصواريخ لمنظومات الاعتراض التي تم نشرها في "إسرائيل" منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأضاف أنّه من وثائق وصلت إلى موقع "بلومبرغ"، يتضح أن الأمر لا يتعلق بطلب أول من نوعه، بل هو واحد من بين العديد، ما يثير تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة على مواصلة وتيرة تزويد "إسرائيل"، وحول الثمن الذي يمكن أن تدفعه لمساعدة حليفتها، وفي هذه الأثناء، يحذر خبراء من أن "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر".
وبحسب التقرير، فإن طلبات التمويل قُدمت على عدّة مراحل منذ نهاية عام 2023، وذلك بعد وقت قصير من الهجوم المفاجئ الذي شنّته حماس، ومن أول تدخل أميركي، نتيجة القلق من أن تؤدي الحرب إلى فتح جبهة متعددة الساحات ضدّ "إسرائيل". وقد بلغ عدد الطلبات ذروته في شهر نيسان 2024، بعد الهجوم الإيراني الأول الذي أُطلقت خلاله مئات الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية نحو "إسرائيل". وتم تقديم آخر طلب في هذا الشهر.
تشير الوثائق التي قُدّمت إلى الكونغرس إلى تزايد التكاليف المرتبطة بالوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، وتثير مخاوف في واشنطن بشأن قدرة الولايات المتحدة على تجديد الإمدادات وإنتاج الصواريخ بالسرعة المطلوبة، في ظل التوتر المتصاعد في المنطقة وسلسلة الهجمات الإيرانية خلال "حرب الـ12 يومًا". وهذه ليست المرة الأولى التي يُعرب فيها عن هذا القلق في واشنطن؛ ففي الشهر الماضي حذّر خبراء من أن الولايات المتحدة استنفدت نحو ربع مخزونها من الصواريخ، وأكدوا: "هذا ليس شيئًا يمكن للولايات المتحدة أن تسمح لنفسها بتكراره مرة بعد مرة".
"طلب الطوارئ" الذي قدّمته وزارة الحرب الأميركية تضمّن تخصيص مليار دولار لشراء صواريخ اعتراضية من طراز SM - 3 من إنتاج شركة RTX، وهي الصواريخ التي استخدمتها سفن البحرية الأميركية في نيسان/أبريل 2024 لاعتراض الهجوم الإيراني. تبلغ تكلفة كلّ صاروخ اعتراض من هذا النوع ما بين 9 إلى 12 مليون دولار. بالإضافة إلى ذلك، طلب البنتاغون تجديد مخزون منظومات الدفاع الصاروخي THAAD، حيث تم نشر بطارية إضافية منها في نيسان الماضي للتعامل مع إطلاق الصواريخ من اليمن. كما يشمل الطلب مبلغ 9.2 مليون دولار لصيانة رادارات من نوع "TPY - 2"، إلى جانب بنود إضافية تتعلق بـ"تمويل مهام طيران خاصة، نقل ذخيرة، وصيانة السفن".
بحسب وثائق الطلب، نشر سلاح البحرية الأميركي مدمرات في شرق البحر الأبيض المتوسط - من بينها "USS Arleigh Burke وUSS The Sullivans"- والتي أطلقت صواريخ اعتراض من طراز SM - 3، إلى جانب بطاريات "ثاد" التي عملت بتنسيق مع "إسرائيل". ساهم هذا النظام الدفاعي في اعتراض جزء من أكثر من 110 صواريخ باليستية، و30 صاروخ كروز، و150 طائرة مسيّرة تم إطلاقها في نيسان/أبريل 2024. ورغم منظومة الدفاع المشتركة، تم تسجيل إصابات كبيرة في "إسرائيل".
المعطيات التي تظهر في وثائق البنتاغون تُبرز مدى الصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة في تجديد مخزونها العسكري. خلال "حرب الـ12 يومًا"، وكما ذُكر، استخدمت الولايات المتحدة أكثر من 100 صاروخ اعتراض من نوع "ثاد"، أي ما يعادل ربع المخزون التشغيلي للمنظومة. لكن وتيرة الإنتاج لا تواكب احتياجات المساعدات لـ"إسرائيل": في العام الماضي تم إنتاج 11 صاروخ "ثاد" فقط، وفي العام الحالي يُتوقّع إنتاج 12 صاروخًا إضافيًا فقط. ووفقًا لخبراء أميركيين، فإن هذا النوع من الصواريخ يُعتبر موردًا نادرًا للغاية، ويشكّل عنصرًا حرجًا في منظومة الردع الأميركية، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل أيضًا في مواجهة خصوم آخرين مثل الصين.
هذه الطلبات لا تشمل المعدات التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى "إسرائيل" منذ 7 تشرين الاول/أكتوبر، والتي تُقدَّر قيمتها بنحو 4 مليارات دولار، بحسب التقديرات. ووفقًا للتقرير، فإن طلبات التمويل المقدّمة من البنتاغون تهدف إلى تغطية تكاليف القيادة المركزية للجيش الأميركي (سنتكوم)، التي نُشرت في المنطقة "بناءً على طلب "إسرائيل" أو بالتنسيق معها، من أجل حماية أراضيها أو أفرادها أو أصولها" خلال الهجمات التي شنتها إيران و"وكلاؤها".
أشار "البنتاغون" إلى أنه في إطار ميزانية عام 2026، من المخطّط توسيع قدرة الإنتاج بشكل كبير وشراء 37 صاروخ "ثاد" جديدًا، إلى جانب استثمار مليارات الدولارات في تحسين سلسلة الإمداد. ومع ذلك، اعترف النظام الأمني الأميركي بأن الالتزام الكبير تجاه "إسرائيل" جاء بتكلفة باهظة على مستويات جاهزية الولايات المتحدة. وقال ضابط كبير سابق: "المخزون ينخفض، نحتاج إلى المزيد وبسرعة". وتُبرز الطلبات الميزانية الأخيرة المعضلة بين الالتزام العميق تجاه الحليف "إسرائيل" والخوف المتزايد من تأثير ذلك على قدرة الردع والاستعداد الأميركي في ساحات أخرى.---