عين على العدو

في مشهد لا يخلو من التوظيف السياسي، أعلنت "إسرائيل" أمس الثلاثاء (19 آب 2025)، تخصيص مبلغ 1.6 مليار شيكل للمساعدات الإنسانية لسكان غزة، عبر الشركة الأميركية "GHF" والتي تستخدم كغطاء أمني وعسكري للاحتلال بثوب إنساني، وذلك ضمن إضافة للميزانية الأمنية بمقدار 29.8 مليار شيكل، رغم الاعتراضات الداخلية وتفاقم العجز المالي.
الخطوة التي جاءت متزامنة مع تصاعد الضغوط الدولية وتكثيف التغطيات الإعلامية للمجاعة المتفشية في القطاع لم تكن تجاوبًا مع نداءات إنسانية، فإن القراءة المتأنية تشير إلى أن "تل أبيب" تنظر للمساعدات لا "كواجب إنساني"، بل كأداة مركبة تُوظف في عدوانها المجرم على غزة، وإعادة هندسة المشهد التفاوضي مع حركة حماس، وكخديعة للرأي العالمي، في محاولة لتلميع صورة الكيان المهتزة عالميًا.
وفي هذا الصدد، أشار المحلل الصهيوني الاقتصادي حغاي عميت والكاتب نتي توكر، في مقال مشترك في صحيفة "ذي ماركر" الصهيونية، إلى أن هذا المبلغ يأتي بعد المصادقة في حزيران/يونيو على 700 مليون شيكل لنفس الغرض، رغم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، كانا قد خدعا "الجمهور" (المستوطنين) حينها بشأن وجهة تلك الأموال.
وأضافا: "هذه الخطوة أثارت عاصفة سياسية ومعارضة حتى من داخل الائتلاف الحاكم، حيث يجد بعض أعضائه صعوبة في فهم كيف تتحول حكومة "النصر المطلق" إلى "المانح السخي لسكان غزة"، وتأتي هذه التحويلات في سياق خرق ميزانية "الدولة" (الكيان) لعام 2025 بعد خمسة أشهر فقط من إقرارها في الكنيست، وهو أمر يتكرر للمرة الخامسة منذ اندلاع الحرب، ما يعكس مشكلة حقيقية في إدارة الاقتصاد "الإسرائيلي" على يد الحكومة الحالية".
كذلك، الدكتور شاشون حداد، المستشار الاقتصادي السابق لرئيس الأركان ورئيس شعبة الميزانيات في وزارة الحرب، وهو اليوم مستشار رفيع في معهد "Mind Israel"، قال: "هذه الخطوة قد تُدخل "إسرائيل" في مأزق"، مضيفًا: "بهكذا خطوة أنت تفرض وقائع على الأرض، والعالم يدرك أنه بمجرد أن بدأت بتمويل المساعدات، لا يوجد سبب لتتوقف، ومعنى هذا هو تحمّل مسؤولية كاملة عن سكان غزة، ومن هنا فهذه مجرد بداية"، وكأنّ في ذلك تلميحًا الى أنّ ما سُميت بالمساعدات هي جزء من خطة احتلال غزة.