اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي العدوان على الدوحة وتونس يثبت أن المقاومة وحدها هي الضمانة

مقالات

عدوان الدوحة وسباق المقعد الأول
مقالات

عدوان الدوحة وسباق المقعد الأول

92

سيعيد الجميع حساباتهم، بعد العدوان على الدوحة، في محاولةٍ لاغتيال قيادة حماس، ولكن ليس إعادة حسابٍ على قواعد المنطق السيادي، حيث الإجراءات الرادعة سياسيًا وقانونيًا واقتصاديًا وتجاريًا، ولا نقول عسكريًا لا سمح الله كما قال أبو عبيدة، ولكن سيعيدون حساباتهم حسب منطق العبيد، سنتجنب ما أتته قطر، حيث لم تستطع إرغام حماس على توقيع صك استسلام.

كما قد تكون هذه فرصة لدولٍ خليجيةٍ متربصة، تحاول سلب قطر دورها ونفوذها الإقليمي، وتسعى لتقديم أوراق اعتمادٍ أكثر قوة وأكثر فعالية، في دفع حركة حماس وعموم حركات المقاومة في غزّة للاستسلام، خصوصًا إذا توصلت الإدارة الأميركية لقناعةٍ بأنّ قطر لم يعد لديها ما تقدمه في مسار الضغط على حماس، وقد يكون الاستبدال طريقًا يستحق التجريب، كما حصل سابقًا في الأزمة السورية، حين كانت قطر في المقعد الأمامي، ثمّ تم استبدالها بالسعودية.

هناك تصورات يتم الحديث عنها، قد صرح عنها القيادي المفصول من فتح محمد دحلان، عن "فشل كلّ المشاريع، خصوصًا مشروع حلّ الدولتين، ولم يتبقَّ سوى مشروع حلّ الدولة الواحدة بقيادة "إسرائيلية"، دون منح جنسيات للفلسطينيين". ويُقال إنّ اجتماعًا كان في حالة انعقاد في الإمارات، وقت شنّ الغارات على الدوحة، ويبدو أنّه للتداول في بعض هذه الأفكار، على طريقة العصف الذهني، الذي يعصف بهم في النهاية.

فقد نشر رئيس"الكنيست" مثلًا، صورة للغارات على الدوحة، معلقًا "هذه رسالة لكل الشرق الأوسط"، فهذا هو العصف الوحيد الذي يعرفه الكيان، لأنّه أقذر أداة استعمارية على مرّ التاريخ، كما أنّ هذه هي الرسالة الأميركية لكل المنطقة العربية والإسلامية، لا عيش لكم خارج ظل حذاء نتنياهو، وجودكم مرتبط باستظلاله، والحقيقة أنّ الأنظمة العربية تفهم ذلك جيدًا، وهي سريعة التعلم حاضرة البديهة في هذا الموضوع. بعكس بلادتها في مادة السيادة ومادة الأمن القومي، ناهيك عن الكرامة ومصالح الشعوب.

إنّ الذهاب إلى استهداف الوفد المفاوض، أثناء اجتماعه لمناقشة العرض الأميركي، في عاصمة دولةٍ وسيطة، من حيث إنّه يبدو قدرة لا محدودة وقوة لا متناهية، لكنّه في الحقيقة إفلاسٌ إستراتيجيٌّ مدقع.

يُقال في علم التسويق إنّه في حال كانت الشركة على شفا الإفلاس، يعمل المدير العام كمسوّق، وهكذا تنحدر الإمبراطوريات، حين تفلس إستراتيجيًا تعمل كعصابة، ويعمل رئيسها كرئيس عصابة، وهذا ما يفعله ترامب حرفيًا، منذ دخوله البيت الأبيض، مارس سلوك رئيس عصابة في النهب والسلب والقتل والكذب والتضليل، خصوصًا في ملفات المنطقة.

إنّ فشل عملية الاغتيال هو أفضل ما حدث، لأنّ المكان الذي تمت فيه العملية بلا تداعيات، فأقصى ما يمكن أن يحدث قد حدث بالفعل، وهو بيان شديد اللهجة يستنكر ويندد، ورسائل متطايرة إلى الأمم المتحدة، وبما أنّ الوفد المفاوض قد نجا، فلا ضير من البيانات، بعكس ما لو نجحت عملية الاغتيال، فما جدوى البيانات؟

دول الخليج التي تدافعت بأوامر أميركية لإنشاء مجلس التعاون الخليجي، بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران، ووقعت معاهدات دفاعٍ مشترك، وناصبت إيران العداء بلا داعٍ ولا مبرراتٍ سوى ما قاله الأميركي، لم تعلن حتّى اللحظة انعقاد المجلس للبحث في وسائل الردّ على دولةٍ عضوٍ في المجلس، ولم تقم بقطع العلاقات السرية والعلنية، أو إغلاق السفارات"الإسرائيلية" وطرد السفراء، إنّها كذلك مجرد بيانات.

مع العلم أنّ الانفاق العسكري وشراء الأسلحة خليجيًا هو الأعلى عالميًا، ورغم ذلك لم نسمع أنّ الدفاعات القطرية، تصدّت لا سمح الله للطائرات المعتدية، كما أعلنت حين ردّت إيران على قصف مفاعلاتها بقصف القاعدة الأميركية في قطر، فقد استنفرت وزارة دفاعها وأعلنت أنّها تصدّت للصواريخ الإيرانية وأسقطتها، وكأنّ أميركا تبيع السلاح مشروطًا بتكديسه لا استخدامه إلّا متى شاءت وأينما شاءت، ويبدو هنا من البلاهة أن تلعب دور المتفاجئ، أو دور المكتشف الصغير.

ويتبين الإفلاس كذلك، كون نتنياهو اعتقَد أنّ هذا الاغتيال سيؤدي لحالة ردعٍ هائلة لمن سيتبقى من قيادة حماس، فيأتون وجلًا وطمعًا بالنجاة لتوقيع صك استسلام، ويبدو أنّه لا يستطيع الإدراك بعد كلّ هذه التجارب، أنّ الاغتيالات إستراتيجية عقيمة، خصوصًا مع حركاتٍ تعتبر الموت هو البداية لا النهاية.

واللافت أنّ بيان حركة حماس بعد محاولة الاغتيال، لم يقلب الطاولة ولم يستخدم لغةً عنترية أو هوجاء، كما يتصرف أو يتحدث قادة الكيان، بل كان بيانًا طبق الأصل عن بياناتها قبل محاولة الاغتيال، لناحية التمسك بمطالب الحركة عبر التفاوض، بإنهاء الحرب والانسحاب من قطاع غزّة وصفقة أسرى شاملة وإعادة الإعمار، أيّ أنّها حركة عقلانية موضوعية وتفكر بعقلٍ مؤسسيٍ بارد وواثق، وهذا ما تحتاجه هذه المرحلة فعليًا.

الكلمات المفتاحية
مشاركة