اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي صور السيدين الشهيدين تملأ الضاحية الجنوبية مع اقتراب الذكرى السنوية

مقالات

دعوة الشيخ قاسم للحوار مع السعودية: إجماع على العدوّ وتصالح مع دور المقاومة
مقالات

دعوة الشيخ قاسم للحوار مع السعودية: إجماع على العدوّ وتصالح مع دور المقاومة

72

لم يأتِ العدوان "الإسرائيلي" على العاصمة القطرية الدوحة، في 9 أيلول/ سبتمبر الجاري، ليؤكد كلام المبعوث الأميركي توم برّاك أعلاه فقط، بقدر ما أتى كاشفًا لحجم ومستوى الدعم المطلق الذي تمنحه واشنطن لـ"تل أبيب" حتّى لو كان المستهدف دولًا تصفها بالحليفة، وتذكّرُها إدارة ترامب بين فترة وأخرى أن عليها أن تدفع ثمن الحماية التي تؤمنها لها. عدوان يكشف أن المنطقة تقف في فم التنين، في زمن يُقدّم فيه نتنياهو نفسه إمبراطورًا لـ"إسرائيل الكبرى"، التي يريد لها أن تمتد أينما تصل مقاتلاته وتضرب صواريخه.

وفي وقت تعيش المنطقة محطة مفصلية يفرضها الإيغال "الإسرائيلي" في التوحش في في غزّة واعتداءاته المستمرة في لبنان وسورية بنطاق يتوسع يصل إلى المغرب الغربي ويطال الخليج، أتت الدعوة العلنية التي وجهها الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى السعودية لفتح صفحة جديدة مع المقاومة، ولفتح حوار يجمّد الخلافات ويعالج الإشكالات، ويكون مبنيًّا على أن "إسرائيل هي العدو، وليست المقاومة‎". والدعوة أتت معطوفة على ما سبق واقترحه الأمين العام في خطاب كان قد علق فيه على الهجوم العدائي، مقترحًا على الدول العربية دعم حركات المقاومة بالشكل الذي تختاره هي: سياسيًا أو إعلاميًا أو اجتماعيًا… أو بأن تكتِفي بألا تطعن المقاومة في ظهرها، وألا تمارس الضغوط عليها، انطلاقًا من أن استمرار المواجهة مع العدوّ الذي يضمنه استمرار المقاومة، يشكّل عامل حماية لدول المنطقة.

وتخرج المبادرة لتكسر جبل الجليد بين حركات المقاومة من جهة والرياض من جهة أخرى، في محاولة لالتقاط لحظة سياسية مفصلية لإعادة تعريف الأولويات الإقليمية، من منطلق ثابت وواضح في تشخيص العدوّ الذي يخوض حربًا وجودية مع فصائل المقاومة، ويضرب في مكان آخر على وتر حساس يطال أمن دول المنطقة. يستهدف تركيا من بوابة سورية، فيضرب في حمص السورية مستودعات أسلحة تركية، ثمّ يهدّد أمن الأردن من خلال المضي بمخطّط احتلال الضفّة الغربية، والحال نفسه ينطبق على مصر من خلال الضغط عليها لتهجير سكان قطاع غزّة. وبعدها يُحرّك المقاتلات مستبيحة أجواء دول عربية: سورية، والأردن، والعراق والسعودية - ذهابًا وإيابًا- لتنفذ إعتداء على مقر انعقاد اجتماع قيادة حركة حماس بالدوحة. وعندما يفشل الهجوم، يخرج نتنياهو مجددًا خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ليقول إنه لا يستبعد شنّ المزيد من الضربات على قادة حماس "أينما كانوا". هذه هي "إسرائيل" على حقيقتها، بصورة الفرعنة والعربدة، و"السلام" الذي ظل العرب إلى القمة العربية الإسلامية الأخيرة يتحدثون عنه، غير وارد في قاموسها، والازدهار الذي لطالما اعتبروه مقترنًا بالانفتاح عليها، لم يغير

ومهما اختلفت المقاربات إقليميًا، ثمة ثابت وحيد يفرض نفسه، يتمثل في أن المقاومة تشكّل خط المواجهة الأمامي عن المنطقة ومصالحها، وأنها تقف سدًّا يعرقل تحقيق طموحات نتنياهو ويكبح جماحها، أن تعي دول الإقليم ذلك، يعني حكمًا أن تعيد طرح الأسئلة:

أيهما يشكّل التهديد الفعلي لأمن المنطقة اليوم: مشروع المقاومة والمواجهة للتحرر من الاحتلال؟ أم المهمّة التاريخية على حد وصف نتنياهو بتحقيق حلم "إسرائيل الكبرى"؟

وعليه، لصالح من ضرب حركات المقاومة في المنطقة وشيطنتها والضغط عليها لتجريدها وإسقاط إمكانياتها؟

وأي مستقبل لمنطقة تضعف أو تنعدم فيها المواجهة مع "إسرائيل"؟ ماذا سيكون الهدف التالي على اللائحة "الإسرائيلية"؟ وفي أي خانة سيصنّف الكيان دول المنطقة: أعداء أم عبيد؟

ومع تنامي التهديد تحت أي مظلة سيحتمي العرب؟ بالولايات المتحدة أم بالمجتمع الدولي؟ أم بالحبر الذي وقع به العرب اتفاقيات تشريع أبواب المنطقة أمام الغول "الإسرائيلي"؟

إنّ دعوة حزب الله اليوم تكتسب أهميتها من كونها تخاطب المخاوف العربية المتأججة، في وقت يستدعي مراجعة جدية منطلقها التهديد الذي يمثله كيان العدو، انطلاقًا من الإجماع على تشخيصه كعدو. وقد خرج كلام رسمي عربي مسائلًا واشنطن لماذا لم توظف وجودها في قاعدة العديد لحماية قطر من الاستهداف؟ ولماذا لم تستخدم دفاعاتها الجوية التي فُعِّلت ضدّ الصواريخ الإيرانية؟ وتُطرح التساؤلات عن واقعية وحقيقة الحماية التي تؤمنها أميركا لمنطقة الخليج، وعن أن افتقاد وسائل دفاع رادعة يدفع باتّجاه البحث عن خيارات لا تلغي الروابط مع واشنطن، لكنّها تكسر أحاديتها.

إن مبادرة حزب الله لا تعكس فقط قناعة المقاومة بضرورة الحوار وفتح القنوات مع الرياض، بل هي تترجم أيضًا إدراكًا أنّ الموقف السعودي بعد الدوحة بات أكثر قابلية للانفتاح على مقاربات جديدة. هذا يعززه الإعلان عن اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان، وهو ما وصفته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بالخطوة التي "تؤرّخ لتحوّل كبير في ميزان القوى الإقليمية، وأنّ من شأنها كذلك أن تقلب حسابات "إسرائيل" الإستراتيجية رأسًا على عقب".

وقد سبق الخطوة زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى الرياض، تلبية لدعوة رسمية. توقفت عندها معظم وسائل الإعلام الإيرانية، في التوقيت والمضمون. ورأى بعضها أن إدراج لقاء مع وزير الدفاع السعودي كان لافتًا، ووصفت الزيارة بأنها "تُعد منعطفًا مهمًا… قد تكون بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين طهران والرياض، بل في عموم الشرق الأوسط".

بموازاة ذلك، كانت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية تسأل على لسان أحد كتّابها: "هل ضجر العالم من الأحادية الأميركية"، وتعبّر عن خيبة تجلّت في كلام زميل آخر له بأن "الحليف الأميركي ما خذل حلفاءه فقط، بل إنه شارك في العدوان أيضًا". وللكلام مدلولاته السياسية، إلا أنه لا يشكّل عاملًا حاسمًا يعكس الموقف السعودي.

في ما يبقى السؤال الأهم: ماذا عن رد الرياض على دعوة الأمين العام لحزب الله؟ تبقى الأنظار مشدودة إلى الداخل اللبناني، ففي ظل الاستقطاب السياسي الحاد في لبنان، بين خطاب عالي النبرة في استهداف المقاومة وآخر يعلن استعداده للذهاب حتّى الأخير في دعمها، يشكّل الداخل اللبناني مؤشرًا أساسيًا يُقاس عليه التوجّه السعودي.

الكلمات المفتاحية
مشاركة