عين على العدو

لفتت المحللة السياسية في صحيفة "هآرتس" الصهيونية ليزا روزوفسكي إلى أنّ: "كلمتين بسيطتين غابتا عن الخطابات البلاغية التي أُلقيت من على منبر "الكنيست"، وتحديدًا خطابا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، وهما الدولة الفلسطينية. في الواقع، غاب هذا المصطلح عن جميع الخطابات الطويلة التي أُلقيت في ذلك المساء، بما في ذلك خطاب رئيس المعارضة يائير لبيد، والذي بدا كنسخة مكرّرة من خطاب نتنياهو مع بعض الفروق الطفيفة في النبرة والتركيز".
وأضافت: "بينما امتنع ترامب عن ذكر الدولة الفلسطينية إدراكًا منه لمعارضة نتنياهو الشديدة للفكرة، يمكن الافتراض أن تجاهل نتنياهو للموضوع نبع من رغبته في عدم تعكير الأجواء قبل رحلة صديقه العزيز دونالد إلى قمة شرم الشيخ". وأشارات إلى أنّ ترامب قد يسمح: "لنفسه بالوهم القائل إن "السلام في الشرق الأوسط" ممكن من دون أي إشارة حقيقية لحق الفلسطينيين في تقرير المصير، لكن نتنياهو يعرف جيدًا أن هذا غير ممكن، خصوصًا بعد أحداث 7 أكتوبر والعامين اللذين تلياها".
ورأت روزوفسكي أنّه "يمكن لـ"إسرائيل" أن تحاول أن تستمد بعض العزاء من الصياغة اللاذعة، في بيان شرم الشيخ، والذي جاء فيه أنّ الشرق الأوسط لا يمكنه "أن يتحمّل دورةً مستمرة من الحروب والمفاوضات العالقة، ومن تطبيقٍ مجتزأ أو غير كامل أو انتقائيٍ للشروط التي جرى التوافق عليها بنجاح"، لافتةً إلى أنّ: "قمة شرم الشيخ، إلى جانب القمة الأصغر التي عُقدت في باريس الأسبوع الماضي على مستوى وزراء الخارجية، هما الحلقتان الأوليان في سلسلة طويلة من القمم واللقاءات التي يُتوقَّع عقدها، خلال الأشهر المقبلة، لمناقشة مستقبل غزّة وحلّ الصراع "الإسرائيلي"-الفلسطيني. وإن لم تغيّر "إسرائيل" اتّجاهها، فإنّ معظم هذه الاجتماعات ستُعقد من دون مشاركتها".
وتابعت المحللة السياسية: "أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في شرم الشيخ، أن مصر ستستضيف قريبًا قمة لإعادة إعمار غزّة، وفقًا لخطة ترامب، ومن جانبه، يعتزم الاتحاد الأوروبي عقد اجتماع لـ"مجموعة المانحين لفلسطين" بهدف إنقاذ السلطة الفلسطينية من الانهيار وتمكينها في نهاية المطاف من تولّي المسؤولية أيضًا في قطاع غزّة. وستحرص الدول الأوروبية والعربية الكبرى على إبقاء موضوع تهيئة السلطة لتولّي الحكم في غزّة على جدول الأعمال، ولن تسمح بإخراج حلّ الدولتين من النقاش، حتّى لو تجاهله نتنياهو وخلفاؤه المحتملون عمدًا، وحتّى لو أُسكتت الأصوات "الإسرائيلية" المطالبة بإقامة دولة فلسطينية بـ"الفعالية" التي أظهرها، على حد تعبير ترامب، رئيس "الكنيست" أمير أوحانا حين طرد عضوا "الكنيست" أيمن عودة وعوفر كسيف لرفعهما لافتة كتب عليها "اعترفوا بفلسطين"".
وقالت المحللة الصهيونية أنّ ترامب ادّعى: "أن الهجوم الأميركي على إيران أزال "سحابة" كانت تُلقي بظلالها على الاتفاق الذي وُقّع مؤخرًا. لكنّ سحابتين أخريين ستبقيان ماثلتين فوق رأس نتنياهو، تطاردانه وتقيّدان خطوات "إسرائيل": سحابة المجزرة في غزّة التي استمرّت عامين، وسحابة الدولة الفلسطينية غير المتحققة"".
وتابعت: "قالت مصادر دبلوماسية لصحيفة "هآرتس" إن دعوة السيسي لنتنياهو إلى مصر كانت جدّية جدًا، وقد جرت استعدادات فعلية لها. كما أن التقارير عن زيارة محتملة لرئيس اندونيسيا برابوو سوبيانتو إلى "إسرائيل" استندت إلى نوايا حقيقية"، لافتةً إلى أنّ: "كلّ تلك النوايا الحسنة تبخّرت، ومهما كانت الذرائع الآنية لذلك، فإن الأسباب الجوهرية واحدة: نتنياهو يُنظر إليه، في العالمين العربي والإسلامي، مجرم تلطّخت يداه بالدماء، وطالما أنه يرفض الحديث عن دولة فلسطينية، فلا مسوغ لقادة المنطقة لفتح قنوات حوارٍ معه".
وختمت المحللة الصهيونية: "هكذا، بينما تبقى "إسرائيل" خارج غرف النقاش عن مستقبل المنطقة، يظلّ مصيرها مرهونًا برحمة ترامب وحلفائه، أردوغان وأمير قطر".