مقالات
 
            ما بعد حرب غزة.. "إسرائيل" إلى مزيد من التشرذم
الكيان الصهيوني والمرحلة المقبلة.. هل تتصاعد عوامل الشرذمة؟
منذ ما قبل عملية طوفان الأقصى شكلت سياسات بنيامين نتنياهو الداخلية محور تجاذب داخلي كبير ومعارضة رأي عام واسع، وجاء طوفان الأقصى ثم الأحداث المتسارعة في الأراضي المحتلة والمنطقة والحرب الطويلة في غزة ومسارها لتعمِّق الشرخ الداخلي وصولاً إلى زعزعة الائتلاف الحكومي نفسه. تشهد المرحلة الحالية بعد إعلان وقف إطلاق النار ملامح تفاعل أكبر لهذه الخلافات تُضاف إلى الواقع الذي نتج عن حروب نتنياهو على المجتمع الصهيوني، حيث ستتعالى الأصوات ضد نتنياهو لمحاسبته ومحاكمته على الفشل في طوفان الأقصى وما بعده وهو الملاحق بمحاكمات بتهم الفساد.
أسئلة عديدة حول المسار الداخلي الصهيوني والمرجح فيها واحد هو ذهاب الكيان العبري إلى مزيد من التشرذم مع مرور الوقت جراء الفشل في أكثر من ميدان ونتيجة سياسات نتنياهو وحلفائه التي خلقت أزمة ثقة واسعة لدى الرأي العام الصهيوني بحكومته بل بالكيان ككل، والذي تأثر أمنياً واقتصادياً واجتماعياً في العامين الأخيرين، حيث ضعف الاقتصاد بشكل كبير وتنامت الهجرة العكسية بأعداد غير مسبوقة جراء الاهتزازات الأمنية وفقدان الشعور بالأمن لدى المستوطنين.
ورغم ما تعرض له محور المقاومة من خسائر على يد التحالف الأميركي الصهيوني الذي ألقى كامل ثقله لإضعاف المحور، فقد تعرض الكيان العبري أيضاً لضربات كبيرة وتاريخية، ولا شك أن فشل أهداف الحروب الصهيونية في المنطقة وما تعرضت له الجبهة الداخلية من أوضاع وظروف غير مسبوقة إضافة إلى فشل الحرب الصهيونية على غزة لعامين في القضاء على المقاومة، كلها ستلقي بظلالها على المجتمع الصهيوني، في كيان ثبت في المرحلة الأخيرة أنه غير منسجم في مكوناته، وأنه كيان يعتمد على القوة الأميركية عسكرياً وسياسياً ليغطي على مكامن ضعفه.
في عناوين الانقسام الصهيوني المؤثرة نذكر هنا:
- خلافات متصاعدة بين الحكومة والجيش ظهرت أكثر منذ الفشل في التصدي لعملية طوفان الأقصى وما بعدها من حرب في غزة والمنطقة.
- خلافات داخل الائتلاف الحكومي نفسه كادت تطيح بهذا الائتلاف عند أكثر من منعطف.
- تصاعد التجاذب بين المعارضة الصهيونية والحكم واستغلال المعارضة لضياع حكومة نتنياهو وفشل الجيش في أكثر من مجال خلال العامين الأخيرين.
الاقتراب من الانتخابات.. ما التأثير؟
يشير الخبير بالشؤون الإسرائيلية عباس إسماعيل في حديث لموقع العهد إلى أن "الانتخابات في إسرائيل تقترب، وبالتالي سيصبح الخطاب السياسي انتخابياً والمواقف مرتبطة بالاعتبارات الانتخابية، كما تصبح الكتل الممثلة بالكنيست والمنضوية داخل الحكومة أكثر تحررًا من قيد البقاء من الحكومة ومن الأسهل عليها الخروج من الحكومة"، ويعتبر أن "احتمال فرط عقد الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة متعلق بمجموعة من التحديات التي تواجه الحكومة، مع الإشارة إلى أن لا أغلبية لديها في الكنيست، وإذا صوت حزب شاس ضدها في الكنيست تفقد الأغلبية".
هذه الملفات هي "تجنيد الحريديم، الموازنة، الحرب في قطاع غزة، وملف القضاء.. إذا نجحت الحكومة الإسرائيلية في تخطيها تكمل ولايتها وإن لم تنجح تذهب إسرائيل إلى انتخابات مبكرة".
الخلاف الداخلي والتشرذم بعد طوفان الاقصى خبا قليلًا ولكنه الآن عاد ليطل بقوة بحسب ما يشير إسماعيل؛ لأنه انقسام بنيوي ومتجذر وليس طارئًا، وبالتالي إذا كانت الحرب قد خففت من وطأته فإنه عاد ليظهر من جديد بعد الحرب، بل زاد عليه موضوع الموقف من الحرب".. إذًا سنشهد بحسب إسماعيل "في المرحلة المقبلة مزيدًا من الانقسام إذا أرادت الحكومة أن تمضي قدماً في موضوع تدجين القضاء وتغيير القوانين والسيطرة على مجموعة من مراكز القوة داخل السلطة في إسرائيل، وهذا يعني أن المجتمع ذاهب إلى مزيد من الانقسام والتشرذم، خاصة أن تداعيات حرب غزة لم تنتهِ إلى الآن، وهذا يلعب دورًا في الأوضاع. إذًا نحن أمام استمرار حالة التشرذم في إسرائيل والمزيد من المشاكل والأزمات لا سيما أننا اقتربنا من عام الانتخابات".
سياسات نتنياهو تغذي الانقسام
هنا يؤكد الخبير في الشؤون العبرية حسن حجازي في حديث لـ "العهد"، أن "الانقسام الصهيوني متعلق بتأزم الوضع الأمني والسياسي نتيجة سياسات نتنياهو، وهذه الحرب أظهرت مجموعة من نقاط الضعف الأساسية الإسرائيلية".
ويحدد حجازي "عاملين أساسيين في التشرذم والانقسامات المتزايدة في هذه المرحلة، هما:
- مواضيع الصراع في في فلسطين والمنطقة واختلاف النظرة حيال المسار الناجح للحرب، يضاف إليها أزمة تجنيد الحريديم.
- التفرد بالسلطة وتحجيم المحكمة العليا ومحاولة السيطرة على قادة الأجهزة، إذ يرى معارضو نتنياهو أنه يقوم بتحويل النظام إلى نظام ديكتاتوري".
يشير حجازي إلى أنه "في مرحلة ما بعد وقف الحرب سيكون مسار الأمور السياسية والانتخابية متعلقاً بطبيعة مسار الاتفاق في غزة، فإذا بقيت حماس حاضرة في القطاع ولم يكن الاتفاق قادراً على تغييبها فشعبية نتنياهو ستتراجع بشكل كبير، وهذه القضية ستنعكس بشكل واضح على الوضع الداخلي لا سيما أننا اقتربنا من الانتخابات".
ويؤكد حجازي "أن مسألة استغلال المعارضة لهذه القضية مرتبطة أيضاً بالنتائج، حيث ستثبّت فكرة أن نتنياهو ورط إسرائيل في حرب طويلة دون نتائج ودون تحقق الأهداف وهذه الأمور ستستغلها المعارضة لاتهام نتنياهو بالفشل والإخفاق، أما إذا لم يقيد الاتفاق إسرائيل كثيراً وذهبت إلى نوع جديد من العمليات واستطاع نتنياهو تثبيت مزاعمه بأن الحرب حققت إنجازات فسيحاول تقديم موعد الانتخابات".
 
             
                                             
                         
                     
                     
                     
                         
                         
                        