اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ماذا أرادت "إسرائيل" من وراء اغتيال الشهيد "أبو علي الطبطبائي"؟ 

مقالات

اغتيال الطبطبائي.. رسائل متشابكة ومعركة عقول قبل أن تكون معركة صواريخ
مقالات

اغتيال الطبطبائي.. رسائل متشابكة ومعركة عقول قبل أن تكون معركة صواريخ

409

في الليلة التي دوّى فيها الانفجار داخل الضاحية الجنوبية، بدا واضحًا أن "إسرائيل" اختارت التوقيت والمكان والشخصية بعناية فائقة. اغتيال هيثم علي الطبطبائي، أحد أبرز القادة العسكريين في المقاومة، لم يكن عملية عسكرية منفصلة عن السياق العام، بل خطوة محسوبة ضمن مسار سياسي أمني متصاعد بين "تل أبيب" وبيروت، يتجاوز ساحة القتال إلى ساحة الرسائل المتبادلة.

أولًا: دلالات اختيار الهدف

يُعدّ الطبطبائي من الكوادر العسكرية التي تسلّمت ملفات حساسة داخل المقاومة، لا سيما تلك المتعلّقة بإعادة هيكلة "القوات" بعد الحرب الأخيرة. اغتياله يُصنَّف ضمن الضربات "المعطِّلة" التي تستهدف الأدمغة والخبرات بدلًا من المواقع. "إسرائيل" لطالما أعلنت أن معركتها مع حزب الله لم تعد فقط حول منصات إطلاق، بل حول شبكات القيادة والتخطيط.

اختيار شخصية بهذا الوزن يحمل رسالة مفادها أن ساحة المواجهة لم تعد مقتصرة على الجنوب أو الحدود أو في عمق البقاع، بل قد تمتد إلى قلب العاصمة اللبنانية والضاحية بالتحديد عقر دار المقاومة.

ثانيًا: الرسالة إلى الدولة اللبنانية

ترى "إسرائيل" أن الدولة اللبنانية في موقع حرج، فهي رسميًا طرف غير منخرط في الحرب، لكنّها عمليًا طرف متأثر بكامل تبعاتها. عبر استهداف الضاحية، تحاول "تل أبيب" تذكير الدولة اللبنانية بأنها تعتبر نفسها في مواجهة مع "منظومة كاملة" تتحرك داخل أراضي لبنان، وليست فقط مع فصيل مسلح.

هذه الرسالة تتضمن ضغطًا سياسيًا غير مباشر:

تحميل الدولة مسؤولية أمن حدودها.

دفعها لتكثيف الضغط على حزب الله.

إظهار أن انعدام القرار الموحد داخل لبنان يشكّل ثغرة تستغلها "إسرائيل".

هذه الرسائل تأتي في وقت تحاول السلطة السياسية في لبنان تجنّب انزلاق البلاد نحو مواجهة واسعة، وسط أزمة اقتصادية ونقدية لا تحتمل صدمات إضافية.

ثالثًا: الرسالة إلى حزب الله

"إسرائيل" تريد القول إنها تراقب، تتوقع، وتستبق. فالضربات السابقة كانت تستهدف الممرّات اللوجستية أو التحركات الحدودية. أمّا اليوم، فالاستهداف طال قيادات مؤثرة، ما يعني أن "تل أبيب" انتقلت إلى مرحلة ضرب "إعادة تشكيل" قدرات الحزب وليس فقط تعطيلها.

نفّذت "إسرائيل" اغتيال الطبطبائي داخل منطقة تعدّ الأكثر حساسية لدى حزب الله، لتقول للحزب:

 - إن قواعد الاشتباك القديمة لم تعد صالحة.

 - إن الردع "الإسرائيلي" لم يسقط رغم السنوات الطويلة من المواجهة غير المباشرة.

 - إنها قادرة على الوصول إلى العمق الجغرافي والأمني لحزب الله.

 - تعدّ هذه الضربة ردًّا ثانيًا على مبادرة رئيس الجمهورية التي أطلقها عشية عيد الاستقلال أن "إسرائيل" لا تعنيها المفاوضات ولا المبادرات. 

رابعًا: حسابات المقاومة.. وردود محتملة

لطالما اعتمد حزب الله مبدأ “الرد المحسوب” عند اغتيال قادته، مراعيًا ثلاثة خطوط حمر:

١ -  عدم جرّ لبنان إلى حرب شاملة. 

٢ -  الحفاظ على تماسك لبنان الداخلي وعدم الظهور بموقع العاجز.

٣ -  الحفاظ على قواعد الاشتباك بما لا يسمح لـ"إسرائيل" بتثبيت واقع جديد.

الرد إذًا ليس خيارًا، بل حتمية، لكن توقيته وشكله يخضعان لحسابات دقيقة. 

خامسًا: هل تحاول "إسرائيل" فرض مرحلة جديدة؟

من الواضح أن "تل أبيب" تشعر بأن الفراغ الدولي والانشغال العالمي بملفات أخرى والضوء الأخضر الأميركي يمنحها هامشًا أكبر للتحرك. كما أن التطورات الإقليمية - سواء في غزّة أو الساحة السورية - تضع حزب الله أمام ضغوط متعددة. 

 "إسرائيل" تريد فرض معادلة جديدة:

 - خفض حضور الحزب في الجنوب.

 - منع تطوير قدراته الصاروخية الدقيقة.

 - ضرب كوادره الرئيسية كلما تهيأت الفرصة.

 - فرض تكلفة عالية على أي نشاط عسكري يعزز نفوذه.

سادسًا: الانعكاسات على الداخل اللبناني

لبنان يقف اليوم أمام أسئلة صعبة:

كيف يمكن للدولة أن تحمي سيادتها في ظل الاعتداءات "الإسرائيلية" المتكرّرة؟

كيف يمكن تجنّب مواجهة شاملة في ظل هشاشة الوضع الاقتصادي؟

هل يعيد هذا الاغتيال طرح مسألة الإستراتيجية الدفاعية بصورة أكثر إلحاحًا؟

سابعًا: نحو مرحلة أكثر تعقيدًا

اغتيال الطبطبائي ليس مجرد حدث أمني عابر، بل خطوة تؤشر إلى منحى جديد في الصراع بين "إسرائيل" وحزب الله. إنها معركة صامتة تُدار على مستويات متعددة: أمنية، استخباراتية، سياسية، إعلامية، ونفسية.

الكلمات المفتاحية
مشاركة