نقاط على الحروف

مع انتهاء زيارة المبعوث الأميركي توماس براك الى بيروت، وتركه ملف سلاح المقاومة ضمن الحل الداخلي، يبدو أن هذا المسار لن يستكمل على هذا النحو. فقد ازدادت الضغوط في شأن هذه القضية بعيد مغادرة براك بيروت، وبدا واضحًا أن هذه المرة كان مقصودًا أن تأتي هذه الضغوط من الداخل اللبناني. فعلى أعتاب جلسة مجلس الوزراء نهار الثلاثاء القادم، وتصعيد اللهجة الداخلية على المقاومة وأهلها، تبرز هنا قناتا "العربية" و"الحدث" السعوديتان، اللتان تصبان هذه الأيام جهدًا في فبركة الأخبار وبث السموم بهدف زعزعة الاستقرار وخدمة الاحتلال في بث التهويل والتهديد بالحرب على جلّ الأراضي اللبنانية. يمكن هنا رصد، محطتين أساسيتين في تغطية الشأن اللبناني، الأولى تتعلق ببث أخبار كاذبة منذ أسبوع تقريبًا حول إبلاغ "الجناح العسكري في حزب الله الرئيس نبيه بري بأنه لن يسلم السلاح وجاهز للاصطدام بالدولة اللبنانية". كلام نفاه حزب الله واعتبره في بيان له بأنه مجرد "افتراءات من مخيلة تلك القنوات" التي تملك "أجندات مشبوهة تهدف الى زعزعة استقرار لبنان". والمحطة الثانية، تهدد بالحرب وبالدمار بما فيها العاصمة بيروت في حال لم يسلم حزب الله سلاحه. كل هذه الأخبار والمعلومات تبثها كل من "العربية" و"الحدث" تحت عنوان "مصادر ديبلوماسية"، لكن تبقى النقطة الأهم هنا، أن هذه الفبركات تلقى أصداء في الداخل اللبناني. إذ بدا واضحًا دأب بعض القنوات المحلية المعادية للمقاومة على إعادة نشر هذه الأخبار الكاذبة والملفقة، وتكرارها على منصاتها إن كان ضمن برامجها السياسية أو في نشرات أخبارها.
حزب الله"وكذبة "الإصطدام بالدولة": منذ أسبوع تقريبًا ضجّت المنصات الإعلامية والأوساط الشعبية، بخبر نشرته قناة "الحدث" السعودية، يدعي أن "حزب الله لن يسلم سلاحه حتى لو انسحبت اسرائيل وجاهز للاصطدام مع الدولة". خبر سرعان ما لاقى أصداء في الداخل اللبناني عبر إعادة نشره وتبني فحواه المفبرك. من ضمن هذه المنصات mtv وموقع "الكتائب" الذي عنون في 23 تموز الماضي: "حزب الله يصّعد: نرفض تسليم السلاح حتى لو انسحبت اسرائيل وجاهزون للتصادم.. وعون وسلام مصران". هذا الانتشار المطّرد لمعلومات لم يتم التأكد منها، سرعان ما تلقفه حزب الله وأصدر بيانًا نفى فيه جملة وتفصيلًا ما نشر على المنصة السعودية ووضعه ضمن الأخبار المفبركة التي تهدف الى زعزعة استقرار لبنان.
التهويل بورقة الحرب الإسرائيلية والحصار الاقتصادي:
ويبدو أن هذا النفي من الجهة المعنية، لم يردع القناة السعودية عن نشر أخبار مماثلة. فقد استمرت على هذا النحو طيلة الأيام الماضية. يمكن التوقف هنا عند ما ادعته أخيرًا تحت عنوان "مصادر الحدث"، بأن "حزب الله وزع على قرى شيعية في جنوب لبنان معدات استعدادًا لإستئناف الحرب". ليبلغ هذا التعاطي الذروة، أخيرًا لدى بث "الحدث" أجواء من التهويل والتهديد بالحرب وبالحصار الاقتصادي. إذ على وقع انتهاء زيارة براك وتصاعد اللهجة داخليًا وخارجيًا، أخرجت القناة السعودية سمومها من جديد ولاقت أصداءها في الداخل اللبناني. فتحت عنوان "مصادر ديبلوماسية" هددت المنصة السعودية لبنان بالحرب الإسرائيلية على كامل أراضيه في حال لم يسلم حزب الله سلاحه. اضافة الى التلويح بسلاح العقوبات الاقتصادية ومنع استيراد القمح والنفط ووضع لبنان ضمن اللائحة السوداء. هذه الأجواء التهويلية التي تخدم حصرًا الاحتلال وتسعى الى إثارة الخوف في نفوس اللبنانيين وتأليبهم على المقاومة، لاقت أصداء عند قنوات محلية مناوئة للمقاومة، على رأسها mtv، التي عنونت على موقعها الإلكتروني: "الحدث: كل لبنان مهدد بالقصف لا نفط ولا قمح ولائحة سوداء".
تضمن الخبر نقلًا حرفيًا عن قناة "الحدث"، تضمن التهديد بالحصار الاقتصادي وبتقييد الحوالات المالية، وتهديد بيروت بالقصف. ليستتبع هذا المسار مساء، ليلة الخميس الماضي، إذ خرج علينا مارسيل غانم ضمن برنامج "صار الوقت" ليكرر هذا المضمون، ضمن سياق التهويل، إذ قال في مقدمة البرنامج: "حالة النكران لدى حزب الله، يلاقيه ضغوط من الخارج وليس آخرها تهديد مصادر ديبلوماسية غربية عبر وسائل اعلام عربية بأن جميع المناطق اللبنانية مهددة بالقصف اذا رفض حزب الله تسليم سلاحه وأن لبنان مهدد بعقوبات اقتصادية منها منع استيراد القمح والنفط وتقييد الحوالات المالية وصولًا الى اللائحة السوداء". العبارات عينها ساقتها صحيفة "نداء الوطن" التي عنونت يوم الجمعة الماضي: "حزب الله وايران في حالة إنكار .. مصادر ديبلوماسية: الوضع شديد الخطورة والحسم العسكري لن يطول". في مضمونه، تنسب الصحيفة الى ما وصفته بـ"المصادر الديبلوماسية الغربية" أن "الوضع في لبنان شديد الخطورة وأن الحسم العسكري لن يطول وربما خلال أشهر". كذلك تنقل عن هذه المصادر أن هناك "قرارًا دول