اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي تحليل غربي: التصعيد الأميركي ضد إيران سيقضي على رئاسة ترامب

نقاط على الحروف

بيروت بانتظار لاريجاني و
نقاط على الحروف

بيروت بانتظار لاريجاني و"السّياديون" يُستنفرون!

75

في إطار جولة طبيعية في إقليم يغلي فوق نار أوقدتها أميركا وتواصل تأجيجها، يزور أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني السّيّد علي لاريجاني بيروت يوم غد الأربعاء، حيث سيعقد لقاءات رسمية مع الرؤساء الثلاثة. الخبر بشكله وسياقه وتوقيته طبيعيّ جدًّا، فالجمهورية الإسلامية دولة كبرى في المنطقة، لطالما ساندت ودعمت لبنان الرسميّ وعرضت عليه كلّ أنواع العون في السّرّاء والضّرّاء -وإن رفضها مرارًا وتكرارًا استجابةً للضغوط الأميركية- ومن المنطقيّ جدًّا أن يكون لها مساعٍ جديّة وصادقة في محاولة تأمين استقرار لبنان في ظلّ العاصفة التي يقع اليوم في عينها، ولا سيّما بعد إقرار الحكومة للورقة الأميركية التي تنتهك أبسط معايير السيادة والأمان في البلد وتقضي بنزع سلاح المقاومة وتجريد لبنان من أيّ مقدرة على الدفاع عن نفسه في مواجهة العدوان "الإسرائيلي" المتواصل. 


هذا الخبر، الطبيعيّ والمنطقي، أثار حفيظة كلّ العديد المتأمرك في البلد، حيث سارع أفراده إلى الإدلاء بدلوهم في التعبير عن رفض هذه الزيارة والتحريض على منعها، في سياق التحامل الصريح والمدان ضدّ إيران، المستجيب للأوامر الأميركية بحذافيرها، والذي يأتي كتثبيت لموقف معادٍ لكلّ من يحرص على حماية لبنان وحفظ سيادته واستقراره. ومن أبرز المستعجلين التصريح عن معارضة هذه الزيارة، كان وزير الخارجية القوّاتيّ يوسف رجّي، إذ أشارت مصادر قناة الحدث السعودية إلى أنّ رجّي يرفض لقاء السّيّد لاريجاني، وهي حركة تفتقد إلى أدنى معايير اللياقات الدبلوماسية المفروضة عليه كوزير للخارجية، مع العلم أن الموفد الإيراني لم يطلب أصلًا لقاءً بوزير الخارجية واكتفى بترتيب لقاءات مع الرؤساء عون وبرّي وسلام. واللافت في الأمر أنها ليست المرّة الأولى التي يتجاهل فيها رجّي اللّياقات الدبلوماسية ولنسمّها الأخلاقيات الرسمية، فمنذ أشهر قليلة، حدث أن زارت لبنان موفدة أميركية تُدعى مورغان أورتاغوس، لم تحترم الأصول وتزور وزارة الخارجية بنفسها، بل قامت باستدعاء الوزير للقائها في السفارة، ونفّذ الأمر صاغرًا مطيعًا ومبتهجًا بكونها تذكّرت وجوده واستدعته لتلقينه بعض التعليمات. 

في السياق نفسه، أوردت قناة الحدث أيضًا حديثًا عن رئيس الحكومة نواف سلام، المنتشي بإقرار ورقة برّاك المهينة والساقطة عن الأصول الدستورية والخالية من أبسط شروط الميثاقية؛ يقول سلام ما معناه إنّه سيبلغ لاريجاني "استياء لبنان" من التصريحات الإيرانية الأخيرة. وللتذكير، التصريحات المقصودة تدور باختصار حول حق لبنان بالدفاع عن نفسه وبعدم تحويله إلى بؤرة فوضى ملحقة بالكيان الصهيوني. بكلام آخر، ينوي سلام، وعلى ذمّة الحدث، ابلاغ موفد الجمهورية الإسلامية السّيّد لاريجاني باستيائه وكافة المتأمركين، باسم لبنان، من أيّ كلام هادف إلى تعزيز قوّة البلد واستقراره وأمانه.

واللّافت أيضًا، أنّ سلام نفسه لم يبلغ الأميركيين، ولو في حركة شكليّة متفق عليها، عن استيائه من أسلوبهم في إهانة "السيادة اللبنانية"، كما تبنّى حرفية ورقتهم المزدانة بالأوامر التي تنتهك الكرامات والحقوق الطبيعية المتعارف عليها في كلّ المواثيق والشرعات الدولية. وبالتالي، أصبح من دواعي معرفة المرء أن يُسأل ممّا يستاء، ومن علامات الشخصيّات المنبطحة طبعًا أن تستاء ممّا يسعى إلى عزّتها ورفعتها، وتبتهج وتستجيب لما يذلّها ويُخضعها!


وكما الشّخصيات ذات المناصب الرسمية، كذلك المؤسسات الصحفية الدوّارة في فلك عوكر، إذ سارعت جريدة "النهار" إلى وصف الزيارة التي لم تحدث بعد بالعاصفة الاستفزازية، كما عنونت في عددها الصادر اليوم الثلاثاء "حفاوة الحزب بإيران تهديد بإسقاط الحكومة". وممّا يُستشفّ من هذه العناوين المستنفرة أن القيّمين على الصحيفة قد دخلوا مسار التحريض عبر التنجيم والتوقعّات، فبدأوا من دون أدنى مراعاة لأصول العمل الصحفي بتوصيف أحداث لم تحدث بعد، وطرح فرضيّات لم يُعبّر عنها أحد، ما وضعهم في خانة تثير الكثير من التساؤلات حول معرفتهم بمفهوم العمل الإعلاميّ من جهة، وحول مدى احترامهم لعقول قرائهم من جهة أخرى. 

باختصار، هو غيض من فيض انبطاحيّ يصرّ على معاداة كلّ من يحترمه، وعلى التمسّك بكلّ من يمعن في إذلاله وتحقيره. ولكن، هل ينجح هذا الفيض المدان بجرم الانبطاح المشهود، والخضوع الموثّق، في التشويش على زيارة رسمية سلكت المجرى الطبيعي والبروتوكولات المرعية الإجراء في ترتيب لقاءاتها ومواعيدها؟ وهل تُخضع أميركا سيادة "الدولة" مرّة جديدة فتمنعها من استقبال موفد الجمهورية الإسلامية كما منعتها سابقًا من القبول بأي مساعدة أو غوث إيراني، من دون حتّى السماح لها بالبحث عن بديل عنه؟ المؤكد أن زيارة السّيّد لاريجاني هي زيارة الحريص والمُنقذ والمُعزّ، وأنّ كلّ من يعارضها أو يمتعض منها ويحرّض ضدّها متورّط حدّ أذنيه في مستنقع الخضوع الذليل للإملاء الأميركي!

الكلمات المفتاحية
مشاركة