اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ترخيص "ستارلينك" انتهاك للسيادة الرقمية وتجاوز فاضح للقوانين

نقاط على الحروف

نقاط على الحروف

"نداء الوطن": مجلس حربي بحبرٍ قواتيّ عتيق!

80

لا حاجة لجهد كبير للاطلاع على تعليمات عوكر لفرقها الإعلامية العاملة في لبنان. يكفي أن يمرّ المتصفّح على بعض الحسابات المعروفة بانتسابها إلى الفلك العوكري، والنظر في تقاطعات المواقف والمفردات فيما بينها. وإن ضاق الوقت، ما عليه سوى تصفّح "نداء الوطن"، فالجريدة التي بظاهرها أشبه بنشرة داخلية للقوات خلال الحرب الأهلية، هي في بُعدها الصحافي مجلس "إعلامٍ حربي" جنّد نفسه عدوًّا للمقاومة بالعنوان العريض، ومؤخّرًا "للشيعة"، وبطبيعة الأحوال تلبية لأوامر السفارة، أو أدواتها "القوّتجية". واقعًا، أظهر التقاطع بين بعض الحسابات الناطقة بما تمليه عوكر، بالإضافة إلى رصد الخطّ التحريري في "نداء الوطن" في الآونة الأخيرة، أنّ الهجمة الآن ينبغي أن تتجاوز موضوع السلاح، سلاح المقاومة، وتستهدف العقيدة. ولم يكن كلام النائبة الحاصلة على الجنسية "اللبنانية" بولا يعقوبيان في هذا الإطار سوى مثال واضح عن طبيعة التعليمة الأجدد: استهدفوا العقيدة! وما تبريرها للأمر أكثر من إمعان في استغباء الناس والاستخفاف بعقولهم!

لم تتأخر الصحيفة المذكورة إذًا عن ممارسة كلّ ما قد يُراد منه المسّ بالمعتقد الشيعي: من استهداف "المهدوية" إلى التعرّض لولاية الفقيه، ومن إثارة النعرات المذهبية الفتنوية إلى التغريب والتنميط والتشويه.. بدا أن كُتّاب "نداء الوطن" ولا سيّما في الفترة الأخيرة قد تعرّضوا لمسّ يمكن تسميته بـ"شيعة فوبيا". كيفما تصفّحت أعداد الصحيفة ستجد مقالًا أو تقريرًا يتناول "الشيعة" و"التشيّع" بأسلوب يتوخّى الاستفزاز، ومن شدّة ركاكته، لا يَبلغه! مرّة، تجدهم، وفي محاولة يائسة، يزرعون الشقاق بين مختلف الاتجاهات الفكرية داخل العقيدة الواحدة، فيترحّمون على الشيخ محمد مهدي شمس الدّين في سياق الهجوم على الشيخ نعيم قاسم والمفتي الشيخ أحمد قبلان: "المطلوب أن تنتصر وصايا الإمام محمد مهدي شمس الدين على نوايا الشيخ قاسم والمفتي قبلان، "في إيحاء بأن الشيخ شمس الدين رحمه الله، كان معاديًا للمقاومة! فات صاحب هذه الإشارة الفتنوية أن يطّلع على مواقف الشيخ المتعلّقة بالمقاومة، ولتسهيل البحث عليه، يمكنه مراجعة كتاب "المقاومة في الخطاب الفقهي السياسي للشيخ محمد مهدي شمس الدين" والذي يرى فيه المقاومة كخيار وحالة شعبيـة رافضـة للاحتلال، ويرى أنها واجب شرعي وأخلاقي، كما أنها ليست لطائفة ما أو منطقة ما، فالواجب -المقاومة- يلحق الجميع بمختلف انتماءاتهم". 

ومرّة، تجدهم يستنزفون كلّ طاقتهم في التضليل والتلفيق كي يقنعوا القرّاء بأن التشيّع في جبل عامل هو فكرة "إيرانية" روّج لها حزب الله، وبأن الشيعة في لبنان قبل الثورة الإسلامية في إيران كانوا حالة مختلفة عقائديًا ودينيًا وثقافيًّا عمّا هم عليه الآن. ببساطة، فاتهم أن ينظروا قليلًا إلى التاريخ ويستطلعوا ولو بشكل سطحي عن علماء جبل عامل وجذور التشيّع فيه. ثمّ مضوا إلى التساؤل الفتنوي الخبيث: إن كانت المقاومة "الشيعية" تطمح إلى الصلاة في القدس، فكيف ستصلّي في مسجد بناه حفيد بني أميّة؟! وبعد ذلك، وجدوا في فكرة "المهدوية" مساحة يستفزون بالتعرّض لها الشيعة، بالتقليل وبالإساءة وبالتسطيح، وصوّروا الحديث عن الخيار الكربلائي في أدبيّات المقاومة تهديدًا للبنان ولمكوّناته وليس خيارًا فدائيًا يحمي لبنان! فاستهدفوا "كربلاء" التي هي في صلب عقيدة المقاومين كتجربة ثورية فدائية، ووقفوا ينتظرون ردًّا يمسّ بما قد يكون في صلب عقائد الآخرين.

إذًا، انكبّت "نداء الوطن" كغيرها من أدوات عوكر على توجيه الغارات الكلامية ضدّ العقيدة التي يتحدّر منها سلاح المقاومة في لبنان. وهنا يتوضّح المسعى الأميركي السعودي لتغليف الصراع بغلاف طائفي: اهجموا على العقيدة! حوّلوا الصراع بين الانبطاح والعزّة، بين التصهين والإنسانية، إلى معركة طائفية، إلى نزاع مذهبيّ. هاجموا الرموز الدينية والعقائدية. اسخروا من الشعائر والمراسم الدينية إن لزم الأمر. تعرّضوا للمقدسّات. استخدموا ألفاظًا حقيرة. افعلوا كلّ ما بوسعكم لاستجلاب ردود تمسّ طوائفكم ومعتقداتكم وشعائركم ثمّ املأوا الأرض بأصواتكم أن "المقاومة" تستهدف معتقدات الآخرين! لم ينجحوا في ذلك طوال سنين، ولن... لم ينجحوا حين تعرّضت مي شدياق لثقافة الناس وشعائرهم وقناعاتهم مرارًا، ولا حين اتّهمتهم بأنّ شعائرهم مستوردة وغير أصيلة، وكذلك حين هاجمت ولاية الفقيه ودعَت المعتقدين بها إلى مغادرة لبنان.. لم تنجح حين سمّى المدعو شارل جبّور العقيدة الشيعية بـ"التجليطة" ولا حين أبدى اشمئزازه من مظهر أهل المقاومة وملامحهم، ولا حين حسب انطوان زهرة "هيهات منّا الذلّة" شعارًا يهين "المواطنين اللبنانيين".. وكما لم يقلّل هذا الكلام إلا من شأن الم!.

الكلمات المفتاحية
مشاركة