اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الرئيس الكولومبي: أدعو إلى تشكيل جيش دولي "لتحرير فلسطين"

مقالات

لماذا اغتال نتنياهو تشارلي كيرك؟
مقالات

لماذا اغتال نتنياهو تشارلي كيرك؟

76

في 10 أيلول/سبتمبر 2025، قُتل تشارلي كيرك، مؤسس منظمة "تورنينغ بوينت يو أس أي"، وأحد أبرز وجوه الحركة المحافظة المتحالفة مع ترامب، برصاصة قنّاص في ولاية يوتاه. شكّل الاغتيال صدمة قوية لليمين الأميركي، وأحدث زلزالًا في المشهد السياسي بأسره، ليس فقط بسبب نفوذ كيرك، بل أيضاً بسبب الغموض الذي يحيط بظروف مقتله. فعلى الرغم من دعم كيرك لإسرائيل، فإنه في الأسابيع التي سبقت الحادثة، دخل كيرك في مواجهات علنية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحلفائه الأثرياء في الولايات المتحدة. ومنذ اغتياله، صار يُنظر إلى الحادثة على أنها محطة فاصلة في العلاقة المضطربة بين الحركة المحافظة في أميركا وإسرائيل.

تشارلي كيرك من حليف موثوق إلى ناقد شرس لإسرائيل

في العام 2012، كان كيرك في الثامنة عشرة من عمره حين أسس منظمته التي استفادت من تبرعات سخية من الدوائر الصهيونية في الولايات المتحدة، وعلى رأسها مركز ديفيد هوروويتنز للحرية. وقد رد كيرك الجميل بتبني أجندة موالية لإسرائيل، نظم خلالها رحلات دعائية متكررة إلى تل أبيب، وشن حملات ضد المجموعات الطلابية المؤيدة لفلسطين، ومنع أي أصوات ناقدة لإسرائيل من المشاركة في فعاليات منظمته.

وخلال فترة رئاسة ترامب الأولى ثم الثانية، برز كيرك كأحد أكثر الشخصيات الأميركية غير اليهودية تأييدًا لإسرائيل. فقد ساعد على حشد الشباب المحافظ، وكرّس التحالف السياسي بين واشنطن وتل أبيب. لكن مع مرور الوقت، بدأ الغضب من السياسات الإسرائيلية يتنامى داخل أوساط اليمين الأميركي، خصوصاً بنتيجة حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في غزة، والتي اعتبرها عدد كبير من اليمينيين المحافظين أعمالًا مفرطة في العنف غير المبرر.

بنتيجة ذلك؛ بدأ تشارلي كيرك يتراجع عن مواقفه السابقة مركزًا على انتقاد النفوذ الإسرائيلي الكبير في الولايات المتحدة، من باب حرصه على الوطنية الأميركية. وقد بدأ بطرح أسئلة محرجة للإسرائيليين، مثل ما إذا كان جيفري أبستين الذي ورط معظم الطيف السياسي الأميركي في فضائح جنسية؛ بغية السيطرة عليهم، عميلًا للموساد الإسرائيلي، وما إذا كانت إسرائيل قد سمحت بوقوع هجمات 7 أكتوبر؛ لتحقيق أهداف سياسية طويلة المدى، مضيفًا إلى تساؤلاته، ما إذا كانت وسائل الإعلام الأميركي تنقل فعلاً الحقيقة كاملة حول إسرائيل؟

صدامات مع نتنياهو

بحلول منتصف عام 2025، أصبحت شكاوى كيرك من السياسات التي يمارسها نتنياهو أكثر وضوحاً. ووَفقاً لصديق مقرب له هو عضو في الدائرة الضيقة لترامب، فلقد بدأ كيرك بمهاجمة محاولات نتنياهو للتأثير المباشر في السياسة الأميركية. ففي حزيران/يونيو، حذّر كيرك ترامب بشدة من الإقدام على ضرب إيران؛ استجابة لرغبة إسرائيلية. لكن ترامب انفجر غاضبًا في وجه كيرك؛ ما جعل الأخير يتأكد من أن سياسة الولايات المتحدة تدار من الخارج.

في هذه الفترة عرض نتنياهو على كيرك مبالغ جديدة لتمويل منظمته، إلا أن الأخير رفض العرض معتبرًا أنه يأتي في سياق محاولات إسكاته ووقف حملاته على النفوذ الإسرائيلي في الولايات المتحدة. ووَفقًا لمقربين من كيرك، فلقد أدى ذلك إلى حملة ضد كيرك من قبل حلفاء نتنياهو الأثرياء الذين شنوا عليه حملة شيطنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما دفع بكيرك إلى الشعور بالغضب، وهو ما عبر عنه في مقابلة مع الإعلامية ميغين كيلي، حين قال لها، إن هامش الحرية المتاح له لانتقاد الحكومة الإسرائيلية أقل مما هو متاح للإسرائيليين أنفسهم."

وقد بلغ التوتر بين كيرك ونتنياهو ذروته في تموز يوليو الماضي، خلال مؤتمر "ستودينت أكشن ساميت"، والذي شهد انتقادات واسعة لإسرائيل وحربها على غزة من قبل شخصيات إعلامية أميركية بارزة، من ضمنها تاكر كارسلون وميغاني كيلي والممثل ديف سميث، معتبرين أن النخب الصهيونية تؤثر سلبًا في السياسة الأميركية الداخلية والخارجية. في هذه الظروف قام المتبرعون المؤيدون لإسرائيل بوقف تبرعاتهم لتشارلي كيرك. وقد اعتبرت الناشطة المحافظة كانديس أوينز التي تخلت عن مواقفها الداعمة لإسرائيل، أن تشارلي كيرك كان يمر في مرحلة مراجعة روحية؛ نتيجة الجرائم الإسرائيلية في غزة.

نتنياهو يتجسس على ترامب؟

انتقادات كيرك لإسرائيل ولنفوذها في الولايات المتحدة ترافقت مع تفجر فضيحة من النوع الثقيل، إذ تم تسريب تقارير استخباراتية، عن اكتشاف جهاز الاستخبارات الأميركية أجهزةَ مراقبة إسرائيلية مرزوعة في سيارات الطوارئ الرئاسية الأميركية، ما أثار قلقًا كبيرًا في أوساط الفريق الأمني لترامب. وقد أعاد هذا إلى الأذهان حادثة حصلت في العام 2019، حين تم اكتشاف أجهزة تنصت وتجسس إسرائيلية بالقرب من البيت الأبيض، في أثناء الولاية الأولى لترامب.

هذا مثل بالنسبة لكيرك دليلاً إضافياً على أن إسرائيل تتجاوز حدودها في العلاقة مع الولايات المتحدة. ومع حلول شهر أيلول سبتمبر 2025، كان كيرك قد بات أكثر جرأة في تصريحاته المنتقدة لإسرائيل. وفي واحدة من أواخر مقابلاته مع دان شابيرو في 9 أيلول سبتمبر 2025 تساءل كيرك ما إذا كان الإعلام يعرض الحقيقة كاملة، بالنسبة لما يجري في غزة، وما ترتكبه إسرائيل هناك.

اغتيال كيرك

في اليوم التالي لهذه المقابلة، كان كيرك يشارك في فعالية في جامعة يوتا فالي، عندما قام قناص بإطلاق النار عليه وإصابته في رقبته موديًا بحياته. وسرعان ما ألقت سلطات ولاية يوتاه القبض على شاب يبلغ من العمر 22 عاماً من سكان يوتا، قيل إنه اعترف بالجريمة. وقد ترافق ذلك مع انتشار موجة من التكهنات على الإنترنت بوجود صلة بين مواقف كيرك الأخيرة تجاه إسرائيل واغتياله. فقد سبق لأحد إعلاميي شبكة "إنفوورز" أن كتب في آب/أغسطس، أن كيرك عبر عن مخاوفه من أن تقوم إسرائيل بقتله، في حال غيَّر مواقفه تجاهها. وبعد اغتياله، كتب إيان كارول معلقًا: “لقد كان صديق الإسرائيليين، كرّس حياته لهم. ثم قتلوه أمام عائلته."

وكان اللافت مسارعة نتنياهو؛ لنفي علاقته أو علاقة إسرائيل باغتيال كيرك. بل هو سارع لاحتواء الأزمة. فبعد دقائق على عملية الاغتيال نشر نتنياهو تغريدة ينعي فيها كيرك. وفي اليوم التالي ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي في مقابلة على قناة فوكس نيوز، متهماً “الإسلاميين المتشددين” و”اليسار التقدمي” باغتيال كيرك. كما ذكر أنه كان قد دعا كيرك إلى زيارة إسرائيل قبل أسبوعين فقط، دون أن يذكر أن كيرك كان قد رفض عرضًا إسرائيليًّا لتمويله من جديد. كل هذا عكس إدراك نتنياهو لخطورة الموقف. فاغتيال كيرك كشف عن تصدعات عميقة داخل اليمين الأميركي، وهدد بإضعاف التحالف التقليدي بين المحافظين الاميركيين وإسرائيل.

خاتمة

لقد شكل مقتل تشارلي كيرك مقدمة شرخ بين جيل جديد من المحافظين المشككين في النفوذ الإسرائيلي في واشنطن، وبين مؤسسة راسخة مصممة على الحفاظ على هيمنتها.

وإن الشكوك التي تحيط باغتيال كيرك عززت السردية القائلة، بأن الحركة المحافظة الأميركية واقعة تحت ضغوط خارجية كبيرة. ويبقى السؤال ماذا لو واصل كيرك مساره الناقد لإسرائيل؟ هل كان قادراً على إعادة صياغة علاقة المحافظين الأميركيين بالكيان العبري؟

الكلمات المفتاحية
مشاركة